البريطانيون يزرعون الحمص... والتجار يحصدون
بعد أن أصبح جزءاً من ثقافتهم المطبخية
لندن: كمال قدورة
تعد قصة الحمص بالطحينة في بريطانيا واحدة من أهم وأكبر قصص نجاح الطعام الشرق أوسطي في العالم في السنوات الأخيرة، إذ أصبح في الفترة الأخيرة معلماً من معالم الطعام السائدة، وواحداً من الأصناف الثابتة على رفوف برادات السوبر ماركت، بتشكيلاته المتنوعة الطيبة. ومن هذه التشكيلات: العادي، وحمص بالطحينة مع الكزبرة، ومع الفلفل الأحمر، ومع زيت الزيتون، ومع البندورة المشوية، والمحضر مع البصل الأحمر والليمون، ومنه أيضاً ما هو حمص عضوي وقليل الدسم.
وفضلاً عن هذه الأنواع التي تبيعها سلاسل السوبر ماركت الكبرى، هناك كثير من الأنواع المتوفرة في المحلات اليونانية والتركية واللبنانية والسورية واليهودية.
وعلى هذا، تكون شعبية الحمص قد تجاوزت الشعبية التي كانت تتمتع بها أطباق شرقية تقليدية أخرى مهمة في الغرب، مثل الفلافل والتزاتزيكي اليوناني (سلطة اللبن بالخيار).
وقد إشارات الاستطلاعات التي جرت قبل 6 سنوات إلى أن بريطانيا عاصمة الحمص في أوروبا، إذ إن 41 في المائة من المواطنين يحتفظون بعبوة من علبة الحمص في براداتهم، أي ضعفي عدد المواطنين في الدول الأخرى.
ولا عجب أن يبدأ البريطانيون الذين تبنوا كثيراً من الأطعمة الأجنبية، خصوصاً الهندية والصينية والأميركية، مثل التيكا ماسالا والسباغيتي، بزراعة نبتة الحمص في بلادهم، لإنتاجه داخلياً بدل استيراده من دول جنوب أوروبا والشرق الأوسط. وهذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها البريطانيون زراعة وإنتاج الحمص. وتأتي الخطوة بعد محاولات كثيرة ناجحة لإنتاج بعض المحاصيل الأجنبية، كالعدس وبذور التشيا، وغيرها من بعض أنواع الخضراوات الآسيوية. ويأتي هذه الاهتمام بعد زيادة الطلب، وارتفاع عدد المهتمين بالأطعمة النباتية، وما يعرف بـ«الفيغانية» أو «النباتية الصرفة» في البلاد. لكن للغرام بالحمص أسباب كثيرة، على رأسها الطعم الطيب، وثانياً سهولة التحضير، وثالثاً رخص أسعاره، وأخيراً فوائده الصحية الجمة. وعلى صعيد الفوائد الصحية، ينصح موقع الخدمة الصحية الوطنية (NHS) الحوامل بتناول الحمص، لما يحتويه على نسبة عالية من البروتين والكاربوهيدرات، وعلى نسبة قليلة من الدهون المشبعة.
وقد أشارت صحيفة «الغارديان» اللندنية، قبل فترة، إلى أنه تم حصاد أول موسم أو محصول تجاري من نبتة الحمص في مقاطعة نورفك في نهاية يوليو (تموز) هذا العام. وستعمل شركة «هوتمادودز» البريطانية على بيع المحصول الذي تصل كميته إلى 20 طناً في الأسواق في سبتمبر (أيلول)، بعد تجفيفه وتعبئته. وهناك خطط لرفع الكمية المنتجة سنوياً لغايات الاستخدام التجاري الداخلي، وعلى الأرجح لإنتاج الحمص في المحصلة.
المحاولات الأولى تركز على إنتاج نوع كوبالي الأكثر انتشاراً، ونوع ديسي البني اللون والأصغر من صاحبه من ناحية الحجم. وعادة، ما يباع الكوبالي معلباً أو مجففاً، أو يستخدم لإنتاج طحين الحمص، أما الديسي فيستخدم لإنتاج الطحين المعروف بطحين الغرام الذي يستخدمه الهنود والبنغال والسريلانكيين كثيراً.
وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن سلسلة «ووتر روز» المعروفة هي أول من بدأ ببيع الحمص في بريطانيا في بداية الثمانينات من القرن الماضي. وتبع «ووتر روز» سلسلة «ماركس أند سبينسر» في التسعينات، وكانت أول من أنتج الحمص بطحينة بطعمة ممتازة قريبة من الطعم اللبناني. وبعد ذلك، لحقت سلسلة «تاسكو» بالسلسلتين في نهاية التسعينات، وأصبحت تبيع حالياً ما لا يقل عن 30 مليون علبة في السنة.
وتشير الأرقام إلى أن البريطانيين يستهلكون ما لا يقل عن 12 ألف طن من الحمص بطحينة كل عام، ما تصل قيمته إلى 60 مليون جنيه أسترليني، حسب مؤسسة «كانتار وورلد بانيل». كما أشارت «وورلد بانيل» أيضاً إلى أن استهلاك الحمص هو الأكبر بين جميع أبناء الطبقات الوسطى، ومن بينها الطبقات العليا والدنيا.
وللدلالة على حجم النمو الهائل في قطاع الحمص بطحينة حول العالم، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» المعروفة إلى أن قيمة السوق الأميركية في هذا الإطار كانت 5 ملايين دولار في منتصف التسعينات، وقد وصلت حالياً إلى أكثر من 325 مليون دولار.
ويقول الكاتب توم دي كاستيلا، في مقال له في موقع «بي بي سي»، إنه في الولايات المتحدة الأميركية يمكن شراء الحمص بطعم زبدة الفستق والبيتزا والشوكولا موس، وإنهم في النمسا يبيعونه بطعم الكاري الهندي والوسابي الياباني والشمندر.
كما يكشف كاستيلا أيضاً حول تاريخ العلاقة بين بريطانيا والحمص أنها تعود إلى الخمسينات، وليس الثمانينات كما هو متداول، خصوصاً مع إليزابيث ديفيد التي كتبت عنه لأول مرة في كتابها «الطعام المتوسطي» عام 1955. ويضيف كاستيلا أن ديفيد خلقت الأجواء، ومهدت الطريق، ليزدهر وينتشر الحمص في بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
ويقول مؤرخ الطعام إيفان داي إنه شاهد الحمص في بريطانيا لأول مرة في منطقة سوهو المعروفة في لندن في الستينات، وكان ذلك في أحد المطاعم اليونانية.
ويقول الكاتب أليكس رينتون في هذا الإطار إن الحمص في بريطانيا اتبع خطى البيستو (صلصة بسيطة محضرة من الحبق والصنوبر)، إذ «استوردناه، وقمنا بتكييفه لدرجة أن الناس الذين اخترعوه لم يعودا يتعرفوا عليه».
ويذكر رينتون نقطة مهمة في مجال الحديث عن البريطانيين وعلاقتهم بالطعام وتكيفهم معه، حيث يقول إن هناك تقليداً كبيراً في بريطانيا، من ناحية أخذ بعض الأطعمة الفلاحية البسيطة من حوض البحر الأبيض المتوسط، وتحويلها أو جعلها أطعمة فاخرة هنا.
وبالفعل، وجد البريطانيون وسائل كثيرة لإيجاد صحن الحمص البسيط الذي يناسبهم، وجعله جزءاً لا يتجزأ من ثقافتهم الحديثة في الطعام.
ولن يمضي وقت طويل قبل أن يصبح للحمص مطاعمه الخاصة به، كما الحال في البلدان العربية، خصوصاً لبنان وفلسطين وسوريا، ويتعرف عليه البريطانيون، إلى جانب مقبلات الفجل والزيتون والبندورة والبصلين الأبيض والأخضر والمخللات والنعناع، بدلاً عن الدجاج ولحم البقر أو الفاصوليا، كما فعل كريستيان مويسيت وزميله رونان غيفون في أول سلسلة لمطاعم الحمص في عام 2005.
وفضلاً عن هذه الأنواع التي تبيعها سلاسل السوبر ماركت الكبرى، هناك كثير من الأنواع المتوفرة في المحلات اليونانية والتركية واللبنانية والسورية واليهودية.
وعلى هذا، تكون شعبية الحمص قد تجاوزت الشعبية التي كانت تتمتع بها أطباق شرقية تقليدية أخرى مهمة في الغرب، مثل الفلافل والتزاتزيكي اليوناني (سلطة اللبن بالخيار).
وقد إشارات الاستطلاعات التي جرت قبل 6 سنوات إلى أن بريطانيا عاصمة الحمص في أوروبا، إذ إن 41 في المائة من المواطنين يحتفظون بعبوة من علبة الحمص في براداتهم، أي ضعفي عدد المواطنين في الدول الأخرى.
ولا عجب أن يبدأ البريطانيون الذين تبنوا كثيراً من الأطعمة الأجنبية، خصوصاً الهندية والصينية والأميركية، مثل التيكا ماسالا والسباغيتي، بزراعة نبتة الحمص في بلادهم، لإنتاجه داخلياً بدل استيراده من دول جنوب أوروبا والشرق الأوسط. وهذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها البريطانيون زراعة وإنتاج الحمص. وتأتي الخطوة بعد محاولات كثيرة ناجحة لإنتاج بعض المحاصيل الأجنبية، كالعدس وبذور التشيا، وغيرها من بعض أنواع الخضراوات الآسيوية. ويأتي هذه الاهتمام بعد زيادة الطلب، وارتفاع عدد المهتمين بالأطعمة النباتية، وما يعرف بـ«الفيغانية» أو «النباتية الصرفة» في البلاد. لكن للغرام بالحمص أسباب كثيرة، على رأسها الطعم الطيب، وثانياً سهولة التحضير، وثالثاً رخص أسعاره، وأخيراً فوائده الصحية الجمة. وعلى صعيد الفوائد الصحية، ينصح موقع الخدمة الصحية الوطنية (NHS) الحوامل بتناول الحمص، لما يحتويه على نسبة عالية من البروتين والكاربوهيدرات، وعلى نسبة قليلة من الدهون المشبعة.
وقد أشارت صحيفة «الغارديان» اللندنية، قبل فترة، إلى أنه تم حصاد أول موسم أو محصول تجاري من نبتة الحمص في مقاطعة نورفك في نهاية يوليو (تموز) هذا العام. وستعمل شركة «هوتمادودز» البريطانية على بيع المحصول الذي تصل كميته إلى 20 طناً في الأسواق في سبتمبر (أيلول)، بعد تجفيفه وتعبئته. وهناك خطط لرفع الكمية المنتجة سنوياً لغايات الاستخدام التجاري الداخلي، وعلى الأرجح لإنتاج الحمص في المحصلة.
المحاولات الأولى تركز على إنتاج نوع كوبالي الأكثر انتشاراً، ونوع ديسي البني اللون والأصغر من صاحبه من ناحية الحجم. وعادة، ما يباع الكوبالي معلباً أو مجففاً، أو يستخدم لإنتاج طحين الحمص، أما الديسي فيستخدم لإنتاج الطحين المعروف بطحين الغرام الذي يستخدمه الهنود والبنغال والسريلانكيين كثيراً.
وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن سلسلة «ووتر روز» المعروفة هي أول من بدأ ببيع الحمص في بريطانيا في بداية الثمانينات من القرن الماضي. وتبع «ووتر روز» سلسلة «ماركس أند سبينسر» في التسعينات، وكانت أول من أنتج الحمص بطحينة بطعمة ممتازة قريبة من الطعم اللبناني. وبعد ذلك، لحقت سلسلة «تاسكو» بالسلسلتين في نهاية التسعينات، وأصبحت تبيع حالياً ما لا يقل عن 30 مليون علبة في السنة.
وتشير الأرقام إلى أن البريطانيين يستهلكون ما لا يقل عن 12 ألف طن من الحمص بطحينة كل عام، ما تصل قيمته إلى 60 مليون جنيه أسترليني، حسب مؤسسة «كانتار وورلد بانيل». كما أشارت «وورلد بانيل» أيضاً إلى أن استهلاك الحمص هو الأكبر بين جميع أبناء الطبقات الوسطى، ومن بينها الطبقات العليا والدنيا.
وللدلالة على حجم النمو الهائل في قطاع الحمص بطحينة حول العالم، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» المعروفة إلى أن قيمة السوق الأميركية في هذا الإطار كانت 5 ملايين دولار في منتصف التسعينات، وقد وصلت حالياً إلى أكثر من 325 مليون دولار.
ويقول الكاتب توم دي كاستيلا، في مقال له في موقع «بي بي سي»، إنه في الولايات المتحدة الأميركية يمكن شراء الحمص بطعم زبدة الفستق والبيتزا والشوكولا موس، وإنهم في النمسا يبيعونه بطعم الكاري الهندي والوسابي الياباني والشمندر.
كما يكشف كاستيلا أيضاً حول تاريخ العلاقة بين بريطانيا والحمص أنها تعود إلى الخمسينات، وليس الثمانينات كما هو متداول، خصوصاً مع إليزابيث ديفيد التي كتبت عنه لأول مرة في كتابها «الطعام المتوسطي» عام 1955. ويضيف كاستيلا أن ديفيد خلقت الأجواء، ومهدت الطريق، ليزدهر وينتشر الحمص في بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
ويقول مؤرخ الطعام إيفان داي إنه شاهد الحمص في بريطانيا لأول مرة في منطقة سوهو المعروفة في لندن في الستينات، وكان ذلك في أحد المطاعم اليونانية.
ويقول الكاتب أليكس رينتون في هذا الإطار إن الحمص في بريطانيا اتبع خطى البيستو (صلصة بسيطة محضرة من الحبق والصنوبر)، إذ «استوردناه، وقمنا بتكييفه لدرجة أن الناس الذين اخترعوه لم يعودا يتعرفوا عليه».
ويذكر رينتون نقطة مهمة في مجال الحديث عن البريطانيين وعلاقتهم بالطعام وتكيفهم معه، حيث يقول إن هناك تقليداً كبيراً في بريطانيا، من ناحية أخذ بعض الأطعمة الفلاحية البسيطة من حوض البحر الأبيض المتوسط، وتحويلها أو جعلها أطعمة فاخرة هنا.
وبالفعل، وجد البريطانيون وسائل كثيرة لإيجاد صحن الحمص البسيط الذي يناسبهم، وجعله جزءاً لا يتجزأ من ثقافتهم الحديثة في الطعام.
ولن يمضي وقت طويل قبل أن يصبح للحمص مطاعمه الخاصة به، كما الحال في البلدان العربية، خصوصاً لبنان وفلسطين وسوريا، ويتعرف عليه البريطانيون، إلى جانب مقبلات الفجل والزيتون والبندورة والبصلين الأبيض والأخضر والمخللات والنعناع، بدلاً عن الدجاج ولحم البقر أو الفاصوليا، كما فعل كريستيان مويسيت وزميله رونان غيفون في أول سلسلة لمطاعم الحمص في عام 2005.