«جوزة الطيب».. التي أشعلت الحرب بين بريطانيا وهولندا
أميرة الأشجار الاستوائية
لندن: كمال قدورة
لا يختلف تاريخ «جوزة الطيب» عن الكثير من تاريخ التوابل بشكل عام، وخصوصا التوابل الهامة كالزعفران والقرفة والقرنفل والفانيليا وغيرها، إذ إن ذكر «جوزة الطيب» جاء في الكتب القديمة، ولجأ الناس منذ قديم الزمان إلى استخدامها بطرق متعددة وكثيرة، أهمها الاستخدامات الطبية، إذ تحتوي على فوائد صحية جمة وتعتبر جزءا من علاج الكثير من الأمراض، خصوصا في تنشيط الدورة الدموية والشهية الجنسية والتخفيف من التهابات المفاصل وطرد الغازات والقضاء على آلام المعدة كما فعل المصريون القدماء.ولا تزال تستخدم حتى الآن في صناعة الأدوية والمشروبات التي تساعد على الهضم وتحضيرها، بالإضافة إلى الاستخدامات المطبخية العادية والتقليدية.
اسم «نط ميغ» (nutmeg) الإنجليزي يأتي من اللاتينية «نكس» (nux) الذي يعني جوز و«ماسكات» (muscat)، أي مسك. أما اسمها العلمي فهو «ميريستريكا فراغرانس» (Myristica fragrans)، ويسميها الناس في العراق «جوزة بوه». ويطلقون عليها في اليونان، اسم «موسكوكاريدو» أي «الجوزة المسكية»، كما هو الحال مع الاسم الإنجليزي.
ويسميها أهل الهند بشكل عام وفي الكثير في المناطق بـ«جيفال» (jaiphal)، وفي بعض الولايات يسمونها «جاجي» و«كايا»، أما في اللغة التاميلية. وعادة ما كانت تستخدم لعلاج الأطفال الرضع، وتخلط مع بهارات الـ«غارام ماسلا» المعروفة، ويلجأ البعض إلى تدخين المجفف منها.
أما في اليابان، فإن الناس يخلطون «جوز الطيب» مع عدد آخر من البهارات وخصوصا بهار الكاري. ولكن في الكاريبي فإنهم يخلطونه مع المشروبات، وبالتحديد مع الـ«روم»، وأحيانا ما يبشرونه فوق المشروب. كما يصنع منه الإندونيسيون وأهل جزيرة غراندا الكاريبية المربى وبعض أنواع الحلوى أو السكاكر.
تنمو شجرة «جوزة الطيب» في المناطق الاستوائية ويتعدى ارتفاعها أحيانا الـ10 أمتار، وتشبه شجرة الإجاص في شكلها. وتقول الموسوعة الحرة إن ثمرة «جوزة الطيب» تلقب بـ« أميرة الأشجار الاستوائية»، وإن مبعث هذه التسمية «أن هذه الثمرة لها جنسان، مذكر ومؤنث، وإن نبتة واحدة من الجنس المذكر كافية لإخصاب عدد كبير من الجنس المؤنث».
وقد جاءت شجرة «جوزة الطيب» المعروفة، من جزيرة باندا في إندونيسيا، وجنوب شرقي آسيا بشكل عام. وقد ذكرها المؤرخ الروماني بليني في القرن الأول، وذكر أنها تحمل جوزا ذا طعمين. وتؤكد الكتابات الهندية القديمة أنها كانت تستخدم لعلاج الصداع وارتفاع الحرارة ورائحة الفم، كما استخدمها العرب لعلاج أوجاع المعدة، ومحفزا للشهية الجنسية. ويقال إن الإمبراطور الروماني، هنري السادس، قد أمر بنشر رائحتها في شوارع روما أثناء الاحتفالات بتتويجه.
وقد أدخل التجار العرب «جوزة الطيب» إلى أوروبا كبقية التوابل، في القرن السادس عن طريق القسطنطينية، ووصل سعرها في القرن الرابع عشر إلى أسعار خيالية، إذ كان نصف كيلوغرام منها يساوي سعر بقرة. وانتشرت تجارة «جوزة الطيب» في القرون الوسطى ونشط العرب فيها مستخدمين البندقية كمحطة لتوزيعها وبيعها في القارة الباردة. وكان يعتقد الناس آنذاك، وخصوصا في العهد الإليزابيثي في إنجلترا أنها تقضي على الطاعون وتساعد على الإجهاض، ولذا ارتفعت أسعارها وازدادت شعبيتها كما حصل مع مجيء الشاي.
وقبل ذلك نشط مرفأ البصرة بالتأكيد في تجارة «جوزة الطيب» وانتشارها عبر التجار المسلمين أيام الخلافة العباسية. وقد درج التجار المسلمون والعرب على إبقاء مصادر «جوزة الطيب» والكثير من التوابل سرا من الأسرار التجارية الهامة، ولا عجب إن حيكت حولها الكثير من الخرافات والقصص.
وفي القرن الثامن شجع القديس اليوناني ثيودور ذا ستودي الرهبان، على استخدام «جوزة الطيب» في مآكلهم البسيطة التي لم تكن تتعدى بعض أنواع البازلاء أو الفاصوليا مع الماء المغلي وبعض الخضار والتوابل المتوفرة.
في القرن الخامس عشر، نشط البرتغاليون على الخط، بعد السيطرة على ملاقا في ماليزيا (1511) وبعد احتلال كيب غود هوب في جنوب أفريقيا، حيث سيطروا على تجارة التوابل لهذا السبب، وتمكنوا من شحنها وشحن «جوزة الطيب» عبر السفن وخلال فترات زمنية سريعة. وظل الأمر كذلك حتى جاء الهولنديون وجاء الصراع بينهم وبين البريطانيين على مصادر «جوزة الطيب» وخطوط تجارتها في القرن الثامن عشر. وتصارع الجانبان آنذاك للسيطرة على جزيرة ران التي كانت المصدر الوحيد لها آنذاك، وبعد نهاية الحرب الأنغلو - هولندية الثانية، أحكم الهولنديون سيطرتهم على ران واكتفى الإنجليز بالسيطرة على نيو أمستردام التي أصبحت لاحقا نيويورك سيتي.
فقد خاض الهولنديون حربا ضروسا للسيطرة على تجارة «جوزة الطيب» وعمليات إنتاجها، وقد عملوا على إبادة عدد كبير من سكان جزيرة باندا الأصليين وأخذ البقية عبيدا لشركاتهم. ولجأوا إلى جزيرة ران كمصدر أساسي لإنتاج «جوزة الطيب». وقد أدى احتكار «جوزة الطيب» من قبل الهولنديين إلى رفع أسعارها بشكل خيالي في لندن في نهاية القرن التاسع عشر، وبقي الهولنديون يسيطرون على تجارة هذا النوع من التوابل الطيبة حتى الحرب العالمية الثانية.
وكان الفرنسي بيير بوفيريه، أول من عمل على كسر الاحتكارية الهولندية في عالم «جوزة الطيب»، عندما نقل شجرتها وزراعتها إلى جزر الموريشوس، ونقلها البريطانيون بعد ذلك وعن طريق شركة الهند الشرقية، إلى سريلانكا وسنغافورة والهند والكاريبي، وخصوصا جزيرة غرانادا حتى أصبحت رمزا وطنيا مرسوما على شمال العلم الأحمر والأخضر والأصفر الجميل الذي تتوسطه نجمة حمراء.
ويقال إن أيام العز وغلاء سعرها، كان الأغنياء، وخصوصا النساء، يحملن «جوزة الطيب» معهن كعلامة على الغنى، وقد انتشرت في القرن الثامن والتاسع عشر وأصبحت جزءا لا يتجزأ من الموضة في المطاعم. وهناك مجموعات كبيرة منها في المتاحف الخاصة.
ويطلق الأميركيون على ولاية كونيتيكتن اسم «ولاية جوز الطيب»، بعد أن كان التجار في القرن التاسع عشر بلا ضمير، يبيعون كرات الخشب على أنها «جوزة الطيب» إذ لم يكن كل الناس يعرفون طبيعة الجوزة أو رأوها من قبل.
وكثيرا ما كان هناك جدل حول استخدام «جوزة الطيب» والغايات منها، إذ استخدمت منذ قرون كمواد مهلوسة في الكثير من مناطق جنوب شرقي آسيا، عبر وضع قطع منها في الفم واستحلابها، للحصول على الشعور بالنشاط بسبب احتوائها على نسبة كبيرة من مادة الـ«ميريستسين» المشابهة لمادة الـ«مسكالين» والـ«امفيتامين».
ويقول البعض إن تأثير «جوزة الطيب» مشابه لتأثير الحشيش، إذ يؤدي إلى طنين في الأذن والقلق والتوتر الإمساك وتراجع في عمل الجهاز العصبي. ولا يزال هناك خلاف بين الفقهاء والعلماء على الحكم الشرعي فيها. فالرأي الأول كما تقول الموسوعة الحرة بهذا الشأن، يعتبر «(جوزة الطيب) من المواد المسكرة، وتناولها حرام»، وقد أجاز بعض الفقهاء إدخال قليل منها في البهارات ما دام هذا القليل لم يدخل في حد الإسكار لقلته.
ولا بد من الذكر هنا أنه من الممنوع استيراد ثمرة «جوزة الطيب» في بعض الدول، و«يقتصر السماح باستيراد مسحوقها المخلوط بغيره من التوابل في حدود النسبة المسموح بها، التي لا تزيد على 20 في المائة»، كما تشير بعض مصادر شبكة الإنترنت.
على أي حال فإن استخدام «جوزة الطيب» في المطابخ حول العالم يختلف من مكان إلى آخر، رغم الاتفاق على استخدامها مبشورة فوق الأطباق أو القدر. ففي العالم العربي والشرق الأوسط بشكل عام تستخدم مع شتى أنواع الأطباق مبشورة أو مطحونة كبقية التوابل والبهارات وبكميات قليلة كما تستخدم في صناعة بعض أنواع الحلوى والسكاكر.
وفي اليونان وقبرص تستخدم بنفس الفاعلية وفي نفس المجالات، ويطلقون عليها اسم «موسكوكاريدو» أي «الجوزة المسكية»، كما هو الحال مع الاسم الإنجليزي.
لكن في المطبخ الهندي الذي يعتبر الأهم إلى جانب المطبخين الصيني والياباني، يستخدم جوز الهند بكثرة في المطبخ المغولي، وخصوصا في صناعة الحلوى وتحضيرها وبقية الأطباق الشهية والمختلفة.
في المطبخ البينانغي الماليزي المتعدد والمختلط، تستخدم قشرة «جوزة الطيب» المجففة مطلية بالسكر فوق حلوى أو خليط البوظة والحلوى المعروفة بـ«بينانغ آيس كاكانغ» (Penang ais kacang)، وتستخدم أيضا مخلوطة مع المواد الأخرى ومغلية وفي الحالة الأخرى يصبح الطبق أكثر حلاوة كما هو الحال مع عصير الفاكهة المثلج «لو لو بينغ» (lau lau peng) الذي يرغبه الكثير من السكان ذوي الأصول الصينية في بينانغ.
لا يختلف تاريخ «جوزة الطيب» عن الكثير من تاريخ التوابل بشكل عام، وخصوصا التوابل الهامة كالزعفران والقرفة والقرنفل والفانيليا وغيرها، إذ إن ذكر «جوزة الطيب» جاء في الكتب القديمة، ولجأ الناس منذ قديم الزمان إلى استخدامها بطرق متعددة وكثيرة، أهمها الاستخدامات الطبية، إذ تحتوي على فوائد صحية جمة وتعتبر جزءا من علاج الكثير من الأمراض، خصوصا في تنشيط الدورة الدموية والشهية الجنسية والتخفيف من التهابات المفاصل وطرد الغازات والقضاء على آلام المعدة كما فعل المصريون القدماء.ولا تزال تستخدم حتى الآن في صناعة الأدوية والمشروبات التي تساعد على الهضم وتحضيرها، بالإضافة إلى الاستخدامات المطبخية العادية والتقليدية.
اسم «نط ميغ» (nutmeg) الإنجليزي يأتي من اللاتينية «نكس» (nux) الذي يعني جوز و«ماسكات» (muscat)، أي مسك. أما اسمها العلمي فهو «ميريستريكا فراغرانس» (Myristica fragrans)، ويسميها الناس في العراق «جوزة بوه». ويطلقون عليها في اليونان، اسم «موسكوكاريدو» أي «الجوزة المسكية»، كما هو الحال مع الاسم الإنجليزي.
ويسميها أهل الهند بشكل عام وفي الكثير في المناطق بـ«جيفال» (jaiphal)، وفي بعض الولايات يسمونها «جاجي» و«كايا»، أما في اللغة التاميلية. وعادة ما كانت تستخدم لعلاج الأطفال الرضع، وتخلط مع بهارات الـ«غارام ماسلا» المعروفة، ويلجأ البعض إلى تدخين المجفف منها.
أما في اليابان، فإن الناس يخلطون «جوز الطيب» مع عدد آخر من البهارات وخصوصا بهار الكاري. ولكن في الكاريبي فإنهم يخلطونه مع المشروبات، وبالتحديد مع الـ«روم»، وأحيانا ما يبشرونه فوق المشروب. كما يصنع منه الإندونيسيون وأهل جزيرة غراندا الكاريبية المربى وبعض أنواع الحلوى أو السكاكر.
تنمو شجرة «جوزة الطيب» في المناطق الاستوائية ويتعدى ارتفاعها أحيانا الـ10 أمتار، وتشبه شجرة الإجاص في شكلها. وتقول الموسوعة الحرة إن ثمرة «جوزة الطيب» تلقب بـ« أميرة الأشجار الاستوائية»، وإن مبعث هذه التسمية «أن هذه الثمرة لها جنسان، مذكر ومؤنث، وإن نبتة واحدة من الجنس المذكر كافية لإخصاب عدد كبير من الجنس المؤنث».
وقد جاءت شجرة «جوزة الطيب» المعروفة، من جزيرة باندا في إندونيسيا، وجنوب شرقي آسيا بشكل عام. وقد ذكرها المؤرخ الروماني بليني في القرن الأول، وذكر أنها تحمل جوزا ذا طعمين. وتؤكد الكتابات الهندية القديمة أنها كانت تستخدم لعلاج الصداع وارتفاع الحرارة ورائحة الفم، كما استخدمها العرب لعلاج أوجاع المعدة، ومحفزا للشهية الجنسية. ويقال إن الإمبراطور الروماني، هنري السادس، قد أمر بنشر رائحتها في شوارع روما أثناء الاحتفالات بتتويجه.
وقد أدخل التجار العرب «جوزة الطيب» إلى أوروبا كبقية التوابل، في القرن السادس عن طريق القسطنطينية، ووصل سعرها في القرن الرابع عشر إلى أسعار خيالية، إذ كان نصف كيلوغرام منها يساوي سعر بقرة. وانتشرت تجارة «جوزة الطيب» في القرون الوسطى ونشط العرب فيها مستخدمين البندقية كمحطة لتوزيعها وبيعها في القارة الباردة. وكان يعتقد الناس آنذاك، وخصوصا في العهد الإليزابيثي في إنجلترا أنها تقضي على الطاعون وتساعد على الإجهاض، ولذا ارتفعت أسعارها وازدادت شعبيتها كما حصل مع مجيء الشاي.
وقبل ذلك نشط مرفأ البصرة بالتأكيد في تجارة «جوزة الطيب» وانتشارها عبر التجار المسلمين أيام الخلافة العباسية. وقد درج التجار المسلمون والعرب على إبقاء مصادر «جوزة الطيب» والكثير من التوابل سرا من الأسرار التجارية الهامة، ولا عجب إن حيكت حولها الكثير من الخرافات والقصص.
وفي القرن الثامن شجع القديس اليوناني ثيودور ذا ستودي الرهبان، على استخدام «جوزة الطيب» في مآكلهم البسيطة التي لم تكن تتعدى بعض أنواع البازلاء أو الفاصوليا مع الماء المغلي وبعض الخضار والتوابل المتوفرة.
في القرن الخامس عشر، نشط البرتغاليون على الخط، بعد السيطرة على ملاقا في ماليزيا (1511) وبعد احتلال كيب غود هوب في جنوب أفريقيا، حيث سيطروا على تجارة التوابل لهذا السبب، وتمكنوا من شحنها وشحن «جوزة الطيب» عبر السفن وخلال فترات زمنية سريعة. وظل الأمر كذلك حتى جاء الهولنديون وجاء الصراع بينهم وبين البريطانيين على مصادر «جوزة الطيب» وخطوط تجارتها في القرن الثامن عشر. وتصارع الجانبان آنذاك للسيطرة على جزيرة ران التي كانت المصدر الوحيد لها آنذاك، وبعد نهاية الحرب الأنغلو - هولندية الثانية، أحكم الهولنديون سيطرتهم على ران واكتفى الإنجليز بالسيطرة على نيو أمستردام التي أصبحت لاحقا نيويورك سيتي.
فقد خاض الهولنديون حربا ضروسا للسيطرة على تجارة «جوزة الطيب» وعمليات إنتاجها، وقد عملوا على إبادة عدد كبير من سكان جزيرة باندا الأصليين وأخذ البقية عبيدا لشركاتهم. ولجأوا إلى جزيرة ران كمصدر أساسي لإنتاج «جوزة الطيب». وقد أدى احتكار «جوزة الطيب» من قبل الهولنديين إلى رفع أسعارها بشكل خيالي في لندن في نهاية القرن التاسع عشر، وبقي الهولنديون يسيطرون على تجارة هذا النوع من التوابل الطيبة حتى الحرب العالمية الثانية.
وكان الفرنسي بيير بوفيريه، أول من عمل على كسر الاحتكارية الهولندية في عالم «جوزة الطيب»، عندما نقل شجرتها وزراعتها إلى جزر الموريشوس، ونقلها البريطانيون بعد ذلك وعن طريق شركة الهند الشرقية، إلى سريلانكا وسنغافورة والهند والكاريبي، وخصوصا جزيرة غرانادا حتى أصبحت رمزا وطنيا مرسوما على شمال العلم الأحمر والأخضر والأصفر الجميل الذي تتوسطه نجمة حمراء.
ويقال إن أيام العز وغلاء سعرها، كان الأغنياء، وخصوصا النساء، يحملن «جوزة الطيب» معهن كعلامة على الغنى، وقد انتشرت في القرن الثامن والتاسع عشر وأصبحت جزءا لا يتجزأ من الموضة في المطاعم. وهناك مجموعات كبيرة منها في المتاحف الخاصة.
ويطلق الأميركيون على ولاية كونيتيكتن اسم «ولاية جوز الطيب»، بعد أن كان التجار في القرن التاسع عشر بلا ضمير، يبيعون كرات الخشب على أنها «جوزة الطيب» إذ لم يكن كل الناس يعرفون طبيعة الجوزة أو رأوها من قبل.
وكثيرا ما كان هناك جدل حول استخدام «جوزة الطيب» والغايات منها، إذ استخدمت منذ قرون كمواد مهلوسة في الكثير من مناطق جنوب شرقي آسيا، عبر وضع قطع منها في الفم واستحلابها، للحصول على الشعور بالنشاط بسبب احتوائها على نسبة كبيرة من مادة الـ«ميريستسين» المشابهة لمادة الـ«مسكالين» والـ«امفيتامين».
ويقول البعض إن تأثير «جوزة الطيب» مشابه لتأثير الحشيش، إذ يؤدي إلى طنين في الأذن والقلق والتوتر الإمساك وتراجع في عمل الجهاز العصبي. ولا يزال هناك خلاف بين الفقهاء والعلماء على الحكم الشرعي فيها. فالرأي الأول كما تقول الموسوعة الحرة بهذا الشأن، يعتبر «(جوزة الطيب) من المواد المسكرة، وتناولها حرام»، وقد أجاز بعض الفقهاء إدخال قليل منها في البهارات ما دام هذا القليل لم يدخل في حد الإسكار لقلته.
ولا بد من الذكر هنا أنه من الممنوع استيراد ثمرة «جوزة الطيب» في بعض الدول، و«يقتصر السماح باستيراد مسحوقها المخلوط بغيره من التوابل في حدود النسبة المسموح بها، التي لا تزيد على 20 في المائة»، كما تشير بعض مصادر شبكة الإنترنت.
على أي حال فإن استخدام «جوزة الطيب» في المطابخ حول العالم يختلف من مكان إلى آخر، رغم الاتفاق على استخدامها مبشورة فوق الأطباق أو القدر. ففي العالم العربي والشرق الأوسط بشكل عام تستخدم مع شتى أنواع الأطباق مبشورة أو مطحونة كبقية التوابل والبهارات وبكميات قليلة كما تستخدم في صناعة بعض أنواع الحلوى والسكاكر.
وفي اليونان وقبرص تستخدم بنفس الفاعلية وفي نفس المجالات، ويطلقون عليها اسم «موسكوكاريدو» أي «الجوزة المسكية»، كما هو الحال مع الاسم الإنجليزي.
لكن في المطبخ الهندي الذي يعتبر الأهم إلى جانب المطبخين الصيني والياباني، يستخدم جوز الهند بكثرة في المطبخ المغولي، وخصوصا في صناعة الحلوى وتحضيرها وبقية الأطباق الشهية والمختلفة.
في المطبخ البينانغي الماليزي المتعدد والمختلط، تستخدم قشرة «جوزة الطيب» المجففة مطلية بالسكر فوق حلوى أو خليط البوظة والحلوى المعروفة بـ«بينانغ آيس كاكانغ» (Penang ais kacang)، وتستخدم أيضا مخلوطة مع المواد الأخرى ومغلية وفي الحالة الأخرى يصبح الطبق أكثر حلاوة كما هو الحال مع عصير الفاكهة المثلج «لو لو بينغ» (lau lau peng) الذي يرغبه الكثير من السكان ذوي الأصول الصينية في بينانغ.