الخميس، 26 سبتمبر 2019

تاريخ الكاكاو - History of Cacao

الكاكاو.. عملة تداول بها الناس منذ قديم الزمان
من حباتها تصنع أشهر حلوى في العالم

لندن: كمال قدورة
لا تعرف الدول العربية نبتة الكاكاو بسبب الأحوال الجوية غير المناسبة لزراعتها، ومع هذا كالكثير من دول العالم، تعتبر من الدول المغرمة بشراب الكاكاو الساخن والأهم من هذا مادة الشوكولاته، التي تصنع من حباتها، ولا تحتاج إلى تعريف، ويصعب تخيل العالم ومطابخه المتعددة وحلوياته من دونها. ورغم التحذيرات الكثيرة من آثار الإكثار من تناولها على الصحة فإن هناك الملايين من الناس المدمنين على الشوكولاته ويعجزون عن الإقلاع عن عادتهم أو التخلص من إدمانهم. وفيما هناك الكثير من الدول التي تنتج أنواعه الفاخرة مثل فنزويلا ومناطق المايا وساحل العاج والكاريبي، فإن هناك الكثير من الدول التي اتقنت صناعة الشوكولاته وأخذت قطاعها إلى أعلى المراتب، ومن هذه الدول بالطبع سويسرا وإيطاليا وألمانيا والنمسا وفرنسا وإسبانيا. تعرف نبتة الكاكاو Cacao)) علميا باسم «ثيوبروما كاكاو» (Theobroma cacao) ، وهي من جنس «ثيوبروما» (Theobroma)، الذي يعود إلى العائلة «مالفاكيا» (Malvaceae) النباتية، التي تضم حوالي 2300 نوع من أنواع نبات الخباز (mallow) أو ما يعرف بـ«النباتات المزهرة». ويعني الاسم العلمي للكاكاو «ثيوبروما» «طعام الآلهة»، وكلمة كاكاو نفسها جاءت من كلمة cacahuatl في لغة Nahuatl الازتية (Aztec) (تعني الماء المر ). وبدأ استخدامها بكثرة بعد وصول الإسبان إلى القارة الأميركية. وفي لغة ألمايا القديمة، خصوصا في مناطق «ميسو- أميركا» (Mesoamerica)، كان يطلق عليها أيضا اسم كاكاو (kakaw)، وهناك أسماء مشابهة استخدمت في إسبانيا منذ قرون طويلة. ومع هذا لم يعتمد الاسم العلمي للكاكاو إلا عام 1735. وهناك خلاف بالطبع حول أصل النبتة، التي يتراوح معدل طولها بين 4 و8 أمتار ، كما هو الحال مع الكثير من النباتات، لكن من المؤكد أنها من المناطق الاستوائية في أميركا الوسطى وجنوب المكسيك. وكان يعتقد البعض أنها انتقلت من جنوب شرقي المكسيك إلى حوض الأمازون، حيث تمت زراعتها على نطاق واسع في منطقة لاكاندون في المكسيك والمناطق المنخفضة في أميركا الجنوبية. وتقول الأبحاث الجينية الأخيرة، إن النبتة جاءت من مناطق الأمازون ومن هناك نقلها الناس إلى أميركا الوسطى وما يعرف بـ«ميسو- أميركا»، (التي تمتد من وسط المكسيك إلى هندوراس ونيكاراغوا. وتتوفر النبتة حاليا بكثرة في سفوح جبال الإنديز، خصوصا حوضي نهري الأمازون وارينو كو، لأنها مناطق حارة تتلقى ما يكفي من الأمطار. ويستخدم من النبتة، التي تعتبر صغيرة نسبيا وتفضل الظل، حباتها الموجودة في القرون الكبيرة التي تنتجها. وعادة ما يحمل القرن بين 30 و50 حبة كاكاو غنية بمادة «ثيوبرومين»، التي تشبه الكافيين في مفعولها، وهي موجودة أيضا في أوراق الشاي. وعادة ما تحتاج النبتة أو شجرة الكاكاو إلى خمس سنوات لتبدأ بالعطاء، ويقال إن الشجرة الناضجة والقوية تنتج حوالي 6 الآف زهرة أي ما يكفي للحصول على 20 قرنا. ولانتاج كيلو واحد من خلاصة الكاكاو أو معجونه يحتاج الفرد إلى 10 قرون أو ما لا يقل عن 500 حبة. ورغم وجود أكثر من 22 نوعا من أنواع الكاكاو، فإن أكثر الأنواع انتشارا واستغلالا لانتاج الشوكولاته وبودرة الكاكاو، هو «تي كاكاو» (T. cacao). وكان يعتقد أهل المايا منذ القدم أن «الآلهة» هي التي اكتشفت الكثير من النباتات في المناطق الجبلية العالية ومنها الكاكاو. وأن أحد الآلهة وهو «ثعبان طائر» – حسب ميثولوجيا المايا – وهب الكاكاو للمايا بعد خلق الإنسان من حبة الذرة من قبل جدة الآلهة خموكين. وأصبح للكاكاو في تلك الخرافات القديمة إله بحد ذاته يدعى «إيك شوا» (Ek Chuah) يحتفل به سنويا في شهر أبريل (نيسان) من كل عام. وحسب التقاليد يجب تقديم فدية لهذا الإله أو ضحية خلال الاحتفال يستخدم خلالها البخور والريش وأحيانا الحيوانات. وفي الحضارة الازتية لا تختلف الأمور كثيرا لأهمية النبتة وثمرتها الغالية الثمن تاريخيا وحضاريا بالنسبة للكثير من المجتمعات البدائية، إذ إن الإله «كويتزلكواتيل» هو الذي اكتشف الكاكاو في الجبال إلى جانب النباتات الأخرى. ولطالما قدمت حبات الكاكاو الملونة بالدم للآلهة وللرهبان كأضحية. وكان يحرم على النساء والأطفال في تلك الأزمنة ملامسة الكاكاو، خصوصا حباته، وكان ذلك حكرا على الرجال لاعتقاد الناس أنه سام وذو مواصفات خارقة. ولأهميته في تلك الأزمنة أيضا كانت حبات الكاكاو تستخدم خلال الاحتفالات الدينية ولغايات طبية إضافة إلى غاياتها المطبخية أو الشوكولاته لاحقا. وتقول الموسوعة الحرة في هذا الاطار إن أهل المايا استخدموا الكاكاو مع العسل والحر والذرة والفانيليا. وهناك إثباتات أثرية جديدة بأن حبات الكاكاو استخدمت في الكثير من الوصفات القديمة في غواتيمالا، وعثر على آثارها في الفخاريات التي عثر عليها في هندوراس، التي يعود تاريخها إلى القرن 1100 ما قبل الميلاد. كما عثر على الكثير من المواقع التي كانت تركز على انتاج الشوكولاته وشراب الكاكاو من حبات الكاكاو ويعود تاريخها أيضا إلى عام 400 قبل الميلاد. وفيما كانت تستخدم الحبات للتدخين مع التبغ، عثر على اسم الكاكاو باللغة الهيروغليفية المايية (التي تعبر بالرسوم والحيوانات، كما هو حال لغة الفراعنة)، مما يدل على عمق العلاقة بين النبتة والناس في أميركا الوسطى والكثير من المناطق المحاذية. وتقول المعلومات المتوفرة تاريخيا، إن الكاكاو استخدم ما قبل الحضارة الكولومبية الميسو- أميركية، كشراب وكعملة يتم التداول بها في الأسواق. وبقي أهل منطقة يوكاتان في المكسيك يستخدمونها كعملة حتى منتصف القرن التاسع عشر. كما كانت الإمبراطورية الازتية تتسلم 980 مقدارا من الكاكاو (المقدار يضم 8000 قرن). وكان الفرد بحاجة إلى قرن أو قرنين، أي إلى 50 أو 100 حبة لشراء رداء عادي آنذاك.كريستوفر كولومبس، كان أول أوروبي يرى النبتة، وتم ذلك عن طريق المصادفة، وبعد عثوره على حبات الكاكاو في أحد القوارب المحلية القريبة من خليج غواناجا في الهندوراس عام 1502 (البحر الكاريبي). واعتقد كولومبوس في البداية أنها نوع من أنواع اللوز، قبل أن يتعرف على حقيقة النبتة ومصادرها الغنية. وبالطبع جلب كولومبوس الثمرة الممتازة إلى إسبانيا ومنها إلى الكثير من البلدان الأوروبية. إلا أن الأوروبيين لم يتعرفوا على الشوكولاته التي كانت تعد على شكل شراب في البداية، إلا في عام 1519 وأثناء اجتماع بين الإسبان وإمبراطور الازتاك في العاصمة تينوشتيتلان. وسجلت الأوراق التاريخية أن الإمبراطور كان يشربه بكثرة وكان الناس يحاولون التقاط بقايا الشراب في أو فرصة تسنح لهم، لكن شراب الكاكاو أو الشوكولاته لم يصل إلى إسبانيا إلا بعد ذلك بسنوات طويلة وبالتحديد عام 1544، وتم ذلك أثناء تقديم الهدايا إلى الملك فيليب من قبل نبلاء المايا. ولم يبدأ استغلال الكاكاو أو الشوكولاته في الطبخ والمطبخ ولغايات طبية، في أوروبا بشكل عام إلا بعد قرن على تلك الهدية الثمينة، حيث انتشر في فرنسا ثم بريطانيا وبعدها بقية الدول الأوروبية الغربية التي بدأت تخلطه بالسكر والحليب. وبسبب ارتفاع الطلب على مادة الشوكولاته في فرنسا، بدأ الفرنسيون يستغلونه على نطاق واسع عبر الزراعة المكثفة في جزر الكاريبي، التي تناسب النبتة من حيث الأحوال الجوية المطلوبة. ووسع الإسبان أثناء ذلك مزارعهم الكثيرة في الفيليبين في القارة الآسيوية. ولا يزال الكثير من المكسيكيين يشربون شراب الشوكولاته الذي كان يستخدم قبل وصول الإسبان إلى القارة الأميركية، ومنه مشروب شهير يطلق عليه اسم «تيجاتي».
وحتى عام 2002 كانت ساحل العاج أكثر الدول المنتجة للكاكاو في العالم، إذ حازت آنذاك 43 في المائة من الإنتاج العالمي بـ1.1 مليون طن. وكانت إندونيسيا وراء ساحل العاج بنسبة 15 في المائة ( 420 ألف طن)، وبعدها غانا بنسبة 13 في المائة ( 350 الف طن)، ومن ثم نيجيريا بنسبة 6 في المائة (170 الف طن)، والبرازيل والكاميرون كل منهما بنسبة 4 في المائة (125 ألف طن). أما بقية الدول المهمة من ناحية الإنتاج فهي ماليزيا والإكوادور وجمهورية الدومينكان وكولومبيا والمكسيك بابوا نيو غينيا وتوغو والهند والفيليبين والكونغو وجزر سولومون وسيراليون وفنزويلا والبيرو حسب المعلومات المتوفرة من المنظمات الدولية المعنية. وتشير الأرقام إلى أن إنتاج الكاكاو في العالم ارتفع من 1.5 مليون طن بين 1983 و 1984 إلى 3.5 مليون طن عام 2004. ويعود هذا الارتفاع إلى زيادة مساحة الأراضي المزروعة في تلك الفترة. ومن الكثير من المزارع الجديدة، ما هو مختص باستخدام التقنيات الزراعية الأخيرة لإنتاج أكبر كمية ممكنة في أقصر وقت ممكن، أي أن هذه المزارع للانتاج المكثف والصناعي والاستهلاكي، لكن لا تزال معظم المزارع القديمة تتبع الوسائل التقليدية في إنتاج الحبة الطيبة والغالية الثمن.
وتشير الأرقام إلى أن 80 في المائة من الكاكاو المستهلك حول العالم من نوع «فوراستيرو غروب» الرخيص نسبيا. ويعني الاسم بالإسبانية «الغريب»، لأنه ينتج في أفريقيا. ويستغل هذا النوع بكثرة بسبب قوة أشجاره ومقاومتها للأمراض وكثرة إنتاجها، ولأن طعم هذا النوع ليس قويا ما يكفي، تتم إضافة أنواع أخرى (أفخر)، لمنحه بعض الرائحة العطرة والطعم اللذيذ. ويلي ذلك 10 في المائة من نوع «كريلو غروب»، الذي يعتبر أفخر وأغلى نوع في العالم وينتج عادة في مناطق المايا القديمة، ويعني الاسم «المواطن»، لأن موطنه فنزويلا التي تنتج عادة أفخر أنواع الكاكاو في العالم. ويزرع هذا النوع في فنزويلا في مزارع صغيرة خاصة بالكاكاو، ورغم أن أشجاره ضعيفة ولا تنتج بوفرة، فإنها الأفضل وحباتها أكثر الحبات احتواء على مادة «ثيوبرومايد» (Theobromide) الأساسية من بين جميع أنواع الكاكاو. ومن مواصفات هذا النوع المهم أنه «سلس» الطبيعة وقوي المذاق رائحته حلوة خفيفة، ثم نوع «ترينيتاريو»، الذي يعتبر نسخة معدلة من الاثنين بنسبة 10 في المائة. ويزرع هذا النوع بكثرة في مجموعة جزر الانتيل التي تضم ما يعرف بالـ«وست انديز» في الكاريبي. وهو نوع مقاوم للأمراض، وتحول الكثير من المزارع حاليا إنتاجها من «كريلو» إلى هذا النوع بسبب حسناته التجارية. وتقول الخرافات إن الإعصار دمر مزارع الإسبان في القرن السابع عشر في جزيرة ترينيداد التي كانت تنتج نوع «كريلو»، ولأن الإسبان اعتبروا أن الأشجار ماتت فقد عملوا على زراعة نوع «فوراستيرو» مكانها، لكنهم انتهوا بالنهاية بنوع جديد بين الاثنين وهو «ترينيتيرو». و99 في المائة من الكاكاو المستغل بشكل عام يذهب لانتاج الشوكولاته دون غيرها. ولمعرفة أهمية الكاكاو والشوكولاته بالتحديد، يصرف سكان الولايات المتحدة الأميركية وحدها حوالي 13 مليار دولار في السنة على منتجات الكاكاو المختلفة.
ولأن الكاكاو يحتوي على الدهون وفيتاميني «إيه» و«سي»، وبعض المعادن، خصوصا المغنيزيوم والسلينيوم، أضف إلى ذلك مادتي الثيوبرومين والكافايين، فإن الكاكاو مفيد جدا للكثير من الأعراض والأمراض. وبسبب هاتين المادتين يعتبر الكاكاو من المنشطات والمواد التي تخلص من آثار التعب والإرهاق، كما يساهم الكاكاو في مساعدة الجهاز التنفسي وعلاج نزلات البرد. كما يعتبر الكاكاو من المواد المحسنة للمزاج العام والمخفضة لضغط الدم ومن المساعدة للجهاز الهضمي، خصوصا المعدة، كما أن هذه الثمرة القوية تضم الكثير من المواد المضادة للأكسدة والحامية لأنسجة الجسم والقلب. وفضلا عن حسنات الكاكاو في مواد التجميل وحمايته للبشرة وطراوتها، فإن سكان أميركا الوسطى القدماء استخدموها لعلاج السعال وأثناء الإنجاب وعلاج الحروق، كما هو الحال حالياً مع المراهم.

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

الطعام عبر التاريخ - Historical Chronology of Food

الجدول الزمني للطعام عبر التاريخ

من ظهور الموقد إلى انتشار «ماكدونالدز»
الأحد - 17 شهر ربيع الثاني 1438 هـ - 15 يناير 2017 مـ
لندن: كمال قدورة
يصعب فصل تاريخ الإنسان عن تاريخ الطعام بشكل عام، وقد كان الطعام إحدى أهم علامات التمدن والتحضر عبر العصور.وتقول بلقيس شرارة في هذا الإطار في مقدمة كتاب «الطباخ» إن الطعام حاجة بشرية ضرورية أي أنه متأصل في بيولوجية إدامة الوجود... ولم تظهر ضرورة تهيئة وجبة الطعام مع ظهور الإنسان، بل سبقته، لأنها كضرورة حياتية تشترك بها الكائنات الحية كافة. ولكن مع ارتقائه إلى إنسان عاقل أصبح إرضاء هذه الضرورة يتكلف ابتكار طرائق مستجدة تتنوع وتتطور مع تطور مجتمع الجماعة وبالتالي حضارة الإنسان.
وحول تسلسل تاريخ الطعام في العالم، يقول علماء الوراثة العرقية (الفيلوجيني)، إن عمليات الطبخ بدأت قبل 2.5 مليون سنة تقريبًا، وبعد ذلك بنصف مليون سنة بدأ التحول عند الكائنات الشبيهة بالإنسان أو أسلاف الإنسان من تناول المكسرات إلى استهلاك اللحوم. لكن بداية تاريخ الطبخ عند الإنسان لم يبدأ كما يبدو وكما تشير الحفريات، إلا مع ظهور الكوانين أو المواقد الحجرية قبل 250000 عام. أي بداية استخدام النار بانتظام وبتقنيات جديدة منظمة.
ومن الموقد انتقل الإنسان إلى استهلاك السمك النهري، كما تشير الاكتشافات والآثار قبل 40000 عام، وخصوصًا بقايا أقدم أنواع الإنسان الحديث في شرق آسيا المعروف بالتيانيوان - Tianyuan man ومن السمك ظهرت آثار استخدام الطحين في أوروبا وبالتالي الخبز غير المخمر أو خبز الفطير، وبعد ذلك أي قبل 25000 ألف عام بدأ الإنسان استخدام الصنارة ومن ثم بدأ الناس بزراعة الأرز في كويا قبل 13000 سنة على عكس ما يقول البعض بأن سكان الصين هم من بدأوا العملية قبل 12000 عام كما تشير الموسوعة الحرة.
تضيف شرارة أن المجتمع الأول الذي عاشه الإنسان العاقل، كان مجتمع الصيد والجني، الذي دام لفترة لا تقل عن 180 ألف عام، وأن تكنولوجيا الطبخ بقيادة الأنثى في معظم الحالات كانت بدائية، فيما كان يهتم الرجل بعمليات الصيد وحماية من حوله. ولأن أدوات الطبخ كانت أكثر تطورا وأهمية من أدوات الصيد البسيطة من ناحية التصنيع تمتعت الأنثى بمكانة مرموقة في المجتمع، حسب تعبيرها.
ومع الانتقال من الصيد إلى تكنولوجيا الزراعة قبل 15000 عام، أصبح للأرض قيمة أكبر يتعين الحفاظ عليها ولذا منح الذكر أهمية اجتماعية جديدة لأنه أصبح مالكًا للأرض وحاميًا مقاتلاً للذود عنها، مما أدى ذلك إلى تغيير جذري في تركيبة المجتمع.
* العصر الحجري الحديث
في هذا العصر وقبل 9300 سنة بدأ الناس بزراعة واستهلاك التين في وادي الأردن وعلى الجهة الأخرى، بدأ أهل المكسيك بعد 700 عام من ذلك بزراعة القرع. وبين 8000 سنة و5000 سنة قبل الميلاد ظهرت آثار الموز في بابوا نيو غينيا، وفي نفس الفترة بدأ الناس في بين البيرو وبوليفيا في جبال الإنديز بإنتاج البطاطس وبالتحديد بحيرة تيتيكاكا.
كما بدأ الناس قبل 8000 سنة بما هو أهم من ذلك، أي بتخزين الزيتون في كثير من الأماكن وبعدها بدأت عمليات استهلاك الحبوب في سوريا والذرة في المكسيك. كما تشير المعلومات المتوفرة إلى أن بداية تدجين الغنم بمساعدة الكلاب بدأت في غرب آسيا قبل 7000 عام، أي قبل بداية الزراعة المستقرة.
وتبع ذلك في عام 6000 قبل الميلاد عمليات استغلال واستهلاك الأسماك وتخزينها على نطاق واسع على سواحل شمال فلسطين، وترافق ذلك مع عمليات تحصيل العنب لإنتاج الخمر أو النبيذ في جنوب القوقاز.
وبعد العنب بدا الناس بإنتاج الجبن قبل 5500 سنة من الآن في كوجوي في بولندا. وبعد ذلك شرع الناس بتربية الحيوانات الأليفة في العراق القديم أو بلاد ما بين النهرين، أي بعد استقرار عالم الزراعة، ثم تمت إضافة الفاصوليا في أميركا.
* 4000 قبل الميلاد
تُعتبر هذه الفترة مهمة جدًا، إذ تطورت عمليات إنتاج الطعام وخطى عالwم الزراعة خطوات كبيرة إلى الأمام، مع تأسس الحضارات الكبرى وتأسيس الدولة لقيادة المجتمع. وتشير بلقيس شرارة في هذا الصدد إلى أن تأسيس الدولة أدى إلى تأسيس الجيوش لحماية ملكية الأرض، وبالتالي تهيئة جيوش أخرى من الطباخين لإطعام هذه الجيوش، فأدت هذه الوظيفة، أي وظيفة الطباخ، إلى منح الرجل الطباخ مقامًا عسكريًا، على الرغم من أن الطبخ هو يرجع في أصله إلى وظيفة الأنثى. وأيام أثينا وسقراط نضجت الفلسفة الإغريقية حول موائد وجلسات الطعام، وتعدد أهمية «الطباخ الذي جمع وظائف متعددة: جزار القرابين (وظيفة دينية)، وطباخ الولائم والقصر، فاكتسبت حرفة الطبخ مقاما مرموقا في المجتمع، واقترب مقامه بذلك من الفنان». ومن أثينا أكد الرومان على التنوع وبراعة حرفة الطبخ وظهرت فكرة الإسراف في الطعام، وعمل أهل الصين على منح حرفة الطهي مقاما اجتماعيا مرموقا وأصبح الطباخ في المقام الثاني بعد الشاعر والفيلسوف. وفي الهند تأكد العلاقة «بين ممارسة وطقوس تناول الطعام في تداخل مع النظام الطبقي الاجتماعي».
بأية حال فإن الفترة بين 4000 سنة و200 سنة قبل الميلاد شهدت تطورات مهمة، وعلى رأسها بدأ المصريون القدامى استخدام الخبز المخمر الذي نعرفه الآن، كما ظهرت بعض الآثار التي تدل على عصر الزيتون واستخراج الزيت قبل 4000 آلاف عام. وفي تلك الفترة أيضًا بدأ الناس في وسط أفريقيا بزراعة البطيخ وبعد ذلك انتقل إلى شمال أفريقيا وجنوب غربي آسيا. والأهم من ذلك وصلت الزراعة نفسها إلى شمال شرقي أوروبا وبداية إنتاج الجعة في بابل القديمة. وفي عام 3500 قبل الميلاد انتقلت حرفة إنتاج الجعة إلى إيران وشرع الصينيون بتوسيع نشاطهم في عالم الزراعة المائية وكان سمك الشبوط الشائع أول الأنواع التي تمت تربيتها.
وعلى صعيد تربية الحيوانات، وفي الفترة بين 3500 و3000 قبل الميلاد، ظهرت عدة أنواع من الغنم في مصر الفرعونية وبابل وعمل الفراعنة على استخراج زيت النخيل وتناول الجبنة كما دلت آثار قبور أبيدوس بمصر العليا وسقارة وبدأ الناس في جبال الإنديز بزراعة البطاطس على نطاق واسع وبدأ أهل أميركا الشمالية بزراعة عباد الشمس. وفي عام 2000 قبل الميلاد، بدأ الهنود بزراعة الأرز على طرفي نهر الغانج وشرب الناس الشوكولاته في المكسيك. وبعد ألف عام على ذلك انتقلت زراعة الأرز إلى حوض المتوسط ومدغشقر وانتشر الخيار في غرب آسيا.
وفي القرن الخامس قبل الميلاد بدأ أهل اليونان القديم باستخدام صلصة السمك المخثر المعروفة بالـ«غاروم» (Garum) وهي صلصة مهمة اعتمدتها روما وبيزنطيا لفترة طويلة. أما في القرن الثاني فقد أدخل المستعمرون اليونان الأترج إلى فلسطين.
* 1500 بعد الميلاد
في العصر الوسيط، وعلى ما تقوله شرارة، تدنت وظيفة الطبخ مع تدني موقع المرأة الاجتماعي مع سيطرة الكنيسة على المشهد السياسي والاجتماعي العام. وانتشار التعصب الديني، إذ اعتبرت الكنيسة «الطعام والشراب يثيران الشهوة الجنسية، وقدست كبت الاستمتاع بالوجود». ففي القرن الثامن ظهرت السوشي في جنوب شرقي آسيا، وانتقل إلى الصين، وكشفت وثائق الرهبان عن نقل جبنة الروكفور عبر جبال الألب، كما أصبح سمك القد جزءًا مهمًا من القطاعات التجارية العالمية، وبعد ذلك بمائة عام انتشرت زراعة الخيار في فرنسا ووصل البطيخ إلى الهند.
في القرن العاشر جلب المغاربة البطيخ إلى إسبانيا والأندلس وبدأوا بزراعته في قرطبة والأهم من ذلك ظهر استخدام كلمة «بيتزا» في الوثائق اللاتينية الآتية من جنوب إيطاليا وبالتحديد من بلدة جيتا.
وفي القرن الثاني عشر انتشرت ظاهرة استيراد بعض الدول الأوروبية الزبدة من إسكندنافيا وعرف الناس في بريطانيا بسكوت الويفر النحيف ووصل البطيخ إلى الصين وظهرت جبنة الشيدر المعروفة بكثرة هذه الأيام. في القرنين الرابع والخامس عشر بدا البريطانيون والإسبان بزراعة الخيار قبل دخول الأرز إلى دول الكاريبي.


* القرن 16 - القرن 19 بعد الميلاد


في هذه الفترة تعرف نابليون الثالث على متبل الباذنجان أثناء زيارة السلطان عبد العزيز، وتقول شرارة إنه «مع ظهور حركة التنوير، التي بدأت مع تقدم متعثر، بدأت وظيفة الطهي وطقوس المائدة، تحتل مقاما مرموقا في تقدم الحضارة، مع اعتبارها مقوما أساسيا في تهذيب ممارسة عيش الجماعة... فالجماعة التي تعجز عن تطوير تنوع الطعام، وتهذيب صيغ طقوس تقديم وتنظيم مائدة الطعام، تعبر عن جمود فكري... وعدم قدرة تحريك وتفعيل الابتكار مثال جيد لتنوع طقس ما، ومنحه قيمة وجودية... مثل شرب الشاي في اليابان، وكذلك الأمر بالنسبة للابتكار وتنوع الأجبان في فرنسا والمعجنات في إيطاليا في القرنين الثامن والتاسع عشر، وبدأ يكتسب الطباخ حرية الابتكار».
في بداية القرن السادس عشر وضع دوق بافاريا ويليام الرابع أول قانون لمراقبة نوعية الطعام، ورأى المستعمرون الإسبان البطاطس لأول مرة، وتم شحن أول باخرة شوكولاته من فيراكروز في المكسيك إلى إشبيلية في إسبانيا. وفي بداية القرن السابع عشر ظهرت العجينة المنتفخة لأول مرة، وبدا الأميركان بزراعة الأرز والبطيخ. وفي الثامن عشر بدا الناس يعرفون المعجنات والكعك، وبدأت عمليات بيع البيتزا في نابلوي في الأسواق العامة وتعرفت روسيا على البطاطا، وبدأ الأطفال يتمتعون بالبوظة في المحلات العامة. وفي القرن التاسع عشر بدأ الروس بإنتاج حليب البودرة وتم التعرف على ذرور الخبز (البيكينغ باودر)، كعكة السوفليه الخفيفة واكتشف الفرنسي ادمون البيوس الفانيليا. والأهم في هذه الفترة هو حصول المجاعة في آيرلندا بسبب آفة البطاطا التي أدت إلى هجرة مليون ونصف المليون إنسان إلى العالم الجديد إلى أميركا. وفي عام 1867 اخترع تشالرز فيلتمان الهودوغ وبدأ الناس باستخدام السمن النباتي المعروف بـ«المارجرين».
* القرن العشرون
شهد القرن العشرون تحولات هائلة في عالم الطعام بسبب الاكتشافات الكثيرة والتقنيات الحديثة، إذ تحول الطعام إلى صناعة بحد ذاتها، وأصبحت المأكولات السريعة والجاهزة جزءًا لا يتجزأ من المشهد العام.
وقد شهدت بداية القرن اكتشاف الهامبرغر عام 1904، وبعد سنة على ذلك اكتشف ستامين غريغروف إحدى البكتيريات الرئيسية التي تنتج اللبن (لاكتوباكيليوس بولغاريكوس). وفي عام 1920 جلب الجنود الأميركان معهم البطاطا المقلية المعروفة بـ«الفرنش فرايس» من فرنسا، وفي الخمسينات اكتشف موموفوكو اندو النودل الياباني وفي عام 1960 بدأ العمل باستخدام مدفع الماء الخاص بتقطيع البطاطا الذي اخترعه غيلبرت لام وتستخدمه مؤسسة «ماكدونالدز» لإنتاج ملايين الوجبات يوميا حول العالم.

الخميس، 12 سبتمبر 2019

تاريخ الزعفران - History of Saffron


تحتاج 150 الف زهرة لتحصيل الكيلو الواحد 
الزعفران ........ اغلى نباتات العالم واجملها .
وضعه اسكندر المقدوني في حمامه واستخدمه مع الأرز ولتنشيط وضعه الجنسي

blooming purple petaled flower



لندن – كمال قدورة
الزعفران من النباتات الجميلة والرقيقة والتي تكن لها الشعوب مكانة خاصة في قاموسها المطبخي والطبي والجمالي منذ قديم الزمان . والنبتة نفسها من اجمل النباتات البصلية التي لا تنمو باكثر من 40 سنتمترا . وعادة ما تكون اوراقها دقيقة ونحيفة ومطرزة بالابيض وازهارها ليلكية وزهرية احيانا ذات المياسم الخمرية البنية الحمراء الداكنة والمتميزة مع بعض الإصفرار احيانا . وهناك منه انواع كثيرة لا تستغل لغايات الاكل ، تستخدم لصناعة باقات الورد التي يتبادلها العشاق في بداية فصل الربيع من كل عام . وعلى صغر النبتة وروعتها جماليا ، اصبحت مع الايام من اغلى النباتات في العالم . علميا يقال ان الزعفران (Saffron  ) من النباتات البصلية من الفصيلة السوسنية ، ويطلق على النوع  المستخدم نباتيا وعلميا اسم" " (Crocus sativus)، ويعود اصل الاسم الإنكليزي الى اللاتينية "" سفرانوم" (safranum) التي اخذته عن الفرنسية القديمة في القرن الثاني عشر وخصوصا كلمة "سفران "( safran). والاسم الإيطالي " زفارانو " (zafferano) ايضا تدرج من الفرنسية القديمة كما هو حال الاسم الاسباني " ازافران "(azafrán) . والاصل الفرنسي يعود بالطبع الى اللغة الفارسية "زفاران " (za'ferân) الذي جاء من العربية "زعفران " (za'farān) على الارجح ، ومن كلمة "اصفر" (afar)  بالتحديد .   تاريخيا تشير المعلومات المتوفرة ، ان زراعة الزعفران حول العالم بدأت قبل 3 الآف سنة وكان يستخدم للزراعة النوع المعروف ب"كروكوس كارترايتيانوس"( Crocus cartwrightianus) خصوصا في العصر البرونزي، وقد عمل الفلاحون عبر العصور على تأصيل الانواع الطويلة المياسم منه. وتعود اول المدونات المكتوبة التي تذكر الزعفران الى القرن السابع قبل الميلاد كما تؤكد الموسوعة الحرة. وتعود هذه المدونات الى العراق القديم وايام الآشوريين والسومريين وبالتحديد الملك آشور بانبال. الا ان الحفريات الاخيرة اشارت ايضا الى ان الناس استخدموا الزعفران قبل 4 الآف سنة لمعالجة 90 مرضا كما يبدو . وعثر علماء الآثار ايضا على اثار لصبغيات الزعفران في العراق يعود تاريخها الى 50 الف سنة . كما بدأت عملية الإتجار به ايضا الى ما قبل الحضارة المانوية . كما اهتم به الفرس واهل ايران منذ القرن العاشر قبل الميلاد زراعة وتأصيلا واستخداما، وخصوصا في مناطق اصفهان وديربينا وخوراسان. وكان الايرانيون يستخدمون مياسم الزعفران في حياكة بعض الالبسة الخاصة بالعائلة المالكة والاغنياء . وفضلا عن استخدام الايرانيون له في الطبابة والتلوين والعطور والتطهير والغسيل، فقد دأبوا على نثره على الاسرة وغليه في الشاي لابعاد الإكتئاب وحالات الحزن. وقد اخذ اسكندر المقدوني بعد مروره على ايران قديما معظم العادات والتقاليد الإيرانية في استخدام الزعفران ، فوضعه في حمامه واستخدمه مع الأرز ولتنشيط وضعه الجنسي الخ . ومن هناك ورثت اليونان الزعفران من ايران كنبتة وكتقاليد.  كما جاء الزعفران الكشميري الشهير من ايران كما يبدو من الوثائق قبل الف او الفين وخمسمئة سنة . وبالذات خلال التواجد الفارسي في كشمير . وبعد ذلك بدأ الفينيقيون بترويج الزعفران الكشميري والإتجار به كمادة للتلوين وطرد الإكئاب . ومن ذلك الحين انتشر الزعفران في الكثير من مناطق العالم واستخدم للكثير من الغايات كما سبق وذكرنا. ومن هذه المناطق بالطبع الهند والصين . فقد احب الرهبان البوذيون الزعفران واصبح جزءا من تقاليدهم . ورغم ان الوثائق الصينية القديمة الخاصة بالاعشاب مثل " Shennong Bencaojing" والتي ذكرت الزعفران ، فإن المؤرخون يعتقدون ان الزعفران جاء الى الصين قبل ذلك بكثير وربما مع المغول الذين جلبوه من ايران. وفي اليونان القديم ، عرفه الاغريق ايام الحضارة المانوية التي عزت الزعفران واعطته مكانة عالية في مراتب النبات في القرن السادس عشر قبل الميلاد. وجاء الزعفران في الخرافات الاغريقية ، وتقول بعضها ان الناس كانوا يبحرون الى صقلية خصيصا لجلب الزعفران . ويقال ان الزعفران استخدم في غزة ومصر وجزيرة رودس قديما لغايات التعطير والتجميل والتطبيب . وعوضا عن الإستخدام الفرعوني المكثف له ، واستخدام كيلوبترا له في حمامها ، ولمعالجة الكثير من الامراض، استخدمه الفينيقيون في لبنان وفلسطين والمناطق المجاورة وفي مدينتي صيدا وصور في لبنان بالتحديد للصباغة . ولم ينسى الرومان الزعفران ايضا حيث استخدموه لتضميد الجراح وعلاج السعال، واخذ الرومان معهم الزعفران الى ما كان يعرف بغول ( فرنسا وبعض بلجيكا والمانيا وسويسرا ) حيث استغلوه افضل استغلال حتى سقوط روما . وتشير بعض المعلومات ان الفرنسيين ايضا اخذوا الزعفران عن طريق الاندلس ، وان المسلمين ساهموا في نشر الزعفران في كل من ايطاليا وفرنسا واسبانيا .   وكان الزعفران من المواد الهامة التي تاجرت بها امبراطوريات المتوسط منذ بداية تاريخها ، وسبب هذا العشب الطيب حربا طاحنة لاكثر من ثلاثة اشهر ونصف بين جمهوريات المدن الأيطاليا السايقة كجنوا وبيزا والبندقية . وبعد تعذر الحصول عليه عبر اليونان وايطاليا بدأت زراعته تنتشر في سويسرا والمانيا، حيث كانت عقوبة الغش به السجن والأعدام . من هناك انتشر الى انكلترا واهتمت به منطقتي سوفيك ونوفيك الشرقيتين. واختصت احدى البلدات الإنكليزية بالزعفران في القرنين السادس والسابع عشر بالعناية بالزعفران وانتاج الادوية والاصبغة منه لدرجة ان حملت اسمه وصار يطلق عليها "سفرون وولدن " (Saffron Walden) . ويبدو ان الكنيسة الاوروبية نقلت الزعفران من اوروبا الى اميركا ، حيث انتشر اول ما انتشر في بنسلفانيا، ومن ثم الى الكاريبي والمستعمرات الاسبانية . ويقال ان لشدة الطلب على الزعفران كان يعتبر تجاريا بقيمة الذهب في ولاية فيلادلفيا . وذكر ابن سينا الزعفران في كتاب القانون في الطب قائلا: " زهره يشبه زهرة الياسمين منه أصفر و منه ما يميل إلى البياض جيده الطري الحسن اللون الذكي الرائحة على شغره قليل بياض غير كثير ممتلئ غير صحيح غير سريع للصبغ غير ملزج و لا مفتت قابض محلل قال جالينوس حرارته أقوى من قبضه و دهنه مسخن يجسن اللون شربه محلل للأورام و يطلى به الحمرة مصدع يضر الرأس و هو منوم للحواس إذا سقي في الشراب ينفع من الورم الحار في الأذن يجلو البصر و ينفع من الغشاوة يكتحل به للزرقة المكتسبة في الأمراض مقوي للقلب " . اما ابن البيطار فقد نصح باستخدام الزعفران مع البيض لعلاج البواسير ورطوبات العين وتقوية وتحسين لون البشرة. ويبدو ان الزعفران ليس مفيدا فقط للقلب ولمحاربة السرطان، بل لبؤبؤ العين ونمو اغشيتها، ومنشط للأعصاب وادرار الطمث عند المرأة وتخفيض ضغط الدم وعسر الهضم .      
            

      
رغم ان رائحة الزعفران قريبة الى طعم العسل المعدني كما يصفها بعض الذواقة مع قليل من رائحة القش او العشب الخفيف المرارة بشكل عام ، فإن الناس دأبوا ومنذ زمن طويل على استخدام الزعفران لتلوين الطعام باللون الاصفر البرتقالي الجميل ، مثل اليخنات والمشروبات والارز وغيره من الحلويات وبعض الانواع الاخرى كما هو الحال مع الكركم ( العقدة الصفراء- turmeric ). ولهذا السبب احيانا يستخدم الناس العصفر (Safflower) احيانا بدلا منه لتلوين الاطعمة . ويعرف العصفر على انه زعفران برتغالي ويطلق اسم "عصافروه" (assafroa) وعلى الارجح "عصفورة ". وقد استخدمه الفراعنة في صباغ الاقمشة والملابس الملوكية الحريرية كما تبين من قبر توت عنخ آمون. ويعود ذلك في الاصل الى مادتي الكروسين والكوستين المسؤولتان عن التلوين . ومع هذا فإن الكثير من الناس يجدون رائحة الزعفران رائحة عطرية قوية ومنعشة ، وطعمه مميز لا يجد مثيلا له بين الاعشاب والنباتات . 
لكن كالكثير من الاعشاب والنباتات الهامة احب الناس الزعرفان واستخدموه لاسباب طبية وعلاجية عبر التاريخ وخصوصا في المناطق التي يستخدم فيها بكثرة وهي بالدرجة الاولى ايران ومعظم الدول العربية وبعض دول آسيا الوسطى والهند وتركيا واوروبا . فالزعفران قادر على قمع السرطان في بداياته ويمنع تكاثر بعض الخلايا، وحماية العين . ويزرع  الزعفران الذي لا يزال يستخدم منذ قديم ازمان ايضا في الصين والهند لإنتاج العطور وصباغ الاقمشة ، في منطقة البحر المتوسط حتى جبال كشمير شرقا. وحسب الارقام الاخيرة المتوفرة فإن  العلم ينتج سنويا ثلاثمئة طن فقط لا غير . ومعظمها يأتي من ايران واسبانيا والهند واليونان والمغرب واذربيجان وايطاليا بالطبع التي تعطيه اهمية خاصة منذ ايام الرومان . ولهذا يعتبر الزعفران من اغلى النباتات واندرها في العالم. والسبب في ذلك ان ما يستخدم من الزعفران هو الميسم او ما يمكن وصفه بورقات الزهرة الرقيقة التي تستخدم في تلقيح النبتة ، وتعتبر عمليات قلعها وجمعها عملية دقيقة قبل تجفيفها ببطيء (رغم انها تجف بسرعة بعد القطاف) . ويحتاج الفرد بين 110 الآف الى 170 الف زهرة لتحصيل كيلو واحد من الزعفران . و يحتاج ذلك ايضا الى اربعين ساعة من العمل المتواصل.  ولهذا لا يقل سعر الكيلو في الاسواق عن 1500 دولار . ويفضل عادة ان يكون رطبا نسبيا وذا لون داكن .
وتعرف من انواعه الكثيرة النوع الاسباني المعروف ب" كريم "(Creme) او الزبدة وهو من الانواع اللطيفة وغير القوية على صعد اللون والطعم  والرائحة . ورغم ان النوع الإيطالي اقوى نسبيا منه ، فإن اهم واقوى الانواع على الاطلاق هي الإيرانية . ولان هناك دائما نقاش حول مراتبه وانواعه ووما هو الفاخر منه وما هو التجاري، منعت الهند منذ فترة طويلة تصدير الانواع الممتازة والفاخرة الى الخارج ، ولا يعثر الفرد في الاسواق التجارية العادية الى على الانواع البريطانية والهولندية والسويسرية والاميركية والنيوزيلاندية. ومن انواع الفاخرة المعروفة في اوروبا واميركا نوع " اكيلا "( Aquila) الغني بمادة الكروسين . ولا يزرع هذا النوع الى منطقة صغيرة لا تتعدى مساحتها الثماني هكتارات في وادي نافيلي في اقليم ابروزو في ايطاليا التي يطلق على عاصمته اسم "لا اكولا ". وتشير المعلومات التاريخية ان احد الرهبان الدومينيكان الهاربين من محاكم التفتيش الاسبانية في القرون الوسطى . ومع هذا فإن زراعة الزعفران في ايطاليا على نطاق واسع تتم في جزيرة سردينيا التي تسخر له ما لا يقل عن ستين هكتارا . وتنتج سردينيا او منطقة سان غافينو مونريال عادة 60 في المائة من الزعفران الإيطالي. ومن الانواع الفاخرة والقوية ايضا النوع الكشميري المعروف باسم "مونغرا "(Mongra)، وهو من ادكن انواع الزعفران لونا مع طيف ليلكي ما يدل على قوته وطيب طعمه. ويصعب جدا الحصول على هذا النوع بسبب غلاء سعره وتحريم الهند تصديره والاهم من ذلك صعوبة تحصيله على الدوام في ظل التغيرات البيئية والجوية في كشمير وعلى راسها الجفاف.   

       

تاريخ السكر - History of Sugar


العرب اول من استغله على نطاق واسع قبل ان يعادل وزنه وزن الذهب
السكر احلى المواد الساحرة   


six brown cubes on gray surface


لندن- كمال قدورة
هل يمكن تخيل العالم من دون سكر؟ من دون حلويات من دون هذه المواد والكماليات كما كان تعتبر قديما ؟. صعب جدا ، فهو ليس من اكثر المواد استهلاكا في العالم فحسب بل هو من اكثرها انتشارا ، اما عبر السكرين الابيض والاسمر العاديين الذان نضيفهما الى المشروبات الساخنة والباردة ، واما عبر السككار وشتى انواع الحلويات والشوكلاته التي نتناولها بانتظام هذه الايام حتى صارت جزءا لا يتجزأ من حياتنا. ولاهمية المادة الساحرة الناصعة البياض احيانا ، يصعب العثور على منزل لا يحتوي على مادة السكر كما هو الحال مع الملح .      
باية حال ، فإن السكر الذي نستخدمه بكثرة لتحلية الشاي والقهوة والشراب والطعام بشكل عام يرجع الى ما يعرف بمادة ال " سوكروز" (Sucrose) المستخلصة من النباتات فقط . وهناك مادة اخرى يصنع منها السكر وهي ال "لكتوز " (Lactose) الموجودة في الحليب بشكل عام. والكلمة تعني باللاتينية "حليب" . وهناك ايضا مادة ال"فروكتوز " (Fructose) التي يشير الى السكر وهي موجودة في الكثير من الاطعمة والنباتات وخصوصا الفاكهة والعسل والبصل والبطاطا الحلوة وغيره . لكن علميا عندما يجري الحديث عن السكر ، هذا يعني ان الحديث يدور حول ما يعرف ب" مونوساكرايدز " (Monosaccharides) وهي كلمة من اصل يوناني تعني " السكر الوحيد " بمعنى " السكر الاولي " ومن انواعها ال"غلوكوز " . وهذه المادة هي اساس ما يعرف بال"كاربوهايدراتس " (Carbohydrates) او ما اطلق عليه اسم النشويات احيانا . وعادة ما تلعب دورا كبيرا في تخزين وتأمين الطاقة للجسم والخلايا بالطبع وبالتالي مهمة جدة لجهاز المناعة والتلقيح وتخثر الدم وتطور الجسم بشكل عام . وتوجد ال" كاربوهايدراتس " بكثرة في الحبوب الفصوليا والارز والبطاطا والخبز والسباغيتي وغيره. وتنصح المؤسسات الكندية والاميركية منذ سنوات المواطنين بالإكثار من تناول ال"كاربوهايراتس" لقدرتها على منع السكتة القلبية .
اسم السكر بالإنكليزية (sugar) كما هو الحال في اللغات الاوروبية الاخرى  ( الايطالية والفرنسية والاسبانية ) ، يعود الى الاسم المستخدم باللغتين العربية والفارسية وهو اسم مأخوذ من اللغة السنسكريتية وكلمة " شاركارا" (Sharkara) بالذات . ولا يزال يطلق عليه بالإيطالية اسم " زوكيرو " (zucchero) وفي البرتغالية "اشوكر " (açúcar ) وفي الإسبانية "ازوكار" (azúcar) وفي الفرنسية القديمة " زوكر " (zuchre) والحديثة "سكر" (sucre) واليونانية "زاخاري " (zahari) الذي يعني "بلور" او "حصى" . ويطلق الإنكليز على السكر  الهندي البني الخشن اسم "جاغاري " (jaggery  ) ، وهو ايضا من اصول سنسكريتية .
تاريخيا بدأ سكان الهند يمضغون قصب السكر لامتصاص شرابه الحلو ، ولحلاوته بالطبع كما كنا يفعل الاطفال الصغار في لبنان، ولم تتم بلورته وتكريره كما هو الحال الآن، الا ايام حكم عائلة غوبتا عام 350 . ولان قصب السكر بشكل عام جاء من الجنوب والجنوب الشرقي للقارة الآسيوية، فإن هناك الكثير من انواع القصب وبالتالي انواع السكر في الهند ونيو غينيا وغيره . لكن تقول معلومات اخرى ان استخراج المادة الحلوة من قصب السكر ، بدأ في الهند في القرن السادس قبل الميلاد ، وقد دون الكسندر المقدوني ملاحظات هامة عنه اثناء وجوده هناك في القرن الرابع قبل الميلاد ، إذ سجل ان الهنود يصنعون العسل من دون النحل، أي انهم يستخرجونه من مصادر اخرى .
وتشير المعلومات التاريخية ، الى ان العرب ايام التمدد الاسلامي تعلموا واتقنوا كيفية صناعة السكر عبر الهنود ، وكانوا اول من استغل قصب السكر على نطاق واسع ولغايات تجارية كبيرة في العالم ، فبنوا على نطاق واسع المطاحن والمصافي والمصانع وقبل ذلك بالطبع المزارع .
وكان العام 1390 عاما حاسما في تاريخ السكر، إذ تمكن العرب من استخراج ضعفي ما يجري عادة استخراجه من عصير القصب، مما ادى الى توسع صناعته وانتشار زراعته في مناطق الاندلس في اسبانيا والغارف في البرتغال ( مناطق حارة نسبيا ) وجزيرة صقلية الإيطالية  ومن هناك انتشر في جزر الكانري وماديرا وجزر الازوريس في الاطلسي. .
وبدأ الاوروبيون باستبدال العسل كمحل للمشوربات وغيره ، واستخدام انواعا من السكر الخشن  بعد الحروب الصليبية .
وقد بدأ الاسبان زراعة قصب السكر على نطاق واسع عام 1506 في منطقة ال"وست انديز " ولاحقا في كوبا عام 1523 وبعد ذلك بدأ البرتغاليون تجاربهم مع قصب السكر في البرازيل عام 1532 .
ويقول المؤرخون ان البرتغاليين هم الذين نقلوا زراعة قصب السكر الى البرازيل (2000 مطحنة في ديمرارا وسيرنام )  وجزيرة كاترينا ( 800 مطحنة ) .
. وانتقلت تقنية صناعة السكر الى الولايات المتحدة ، وتم تطويرها من قبل الاوروبيين ايام الثورة الصناعية وبالتحديد في القرن السابع عشر .
وتشير الوثائق ان الهولنديين نقلوا زراعة قصب السكر لغايات انتاج السكر على نطاق واسع من اميركا الجنوبية الى جزر الكاريبي حيث زرع القصب من باربيدوس الى فيرجين. ويقال ان وزن السكر بداية القرن السابع عشر كان يعادل وزن الذهب ، مما دفع الاوروبيون الذين سيطروا على اميركا آنذاك من جعل الكاريبي اهم مصدر للسكر في العالم لرخص اليد العالمة نسبة الى سكر آسيا، آنذاك .
وخلال القرن الثامن عشر كان الانكليز او البريطانيون بالاصح ، يسيطرون على الساحة وعلى عالم صناعة السكر في الكاريبي ، ومع نشاطهم، اصبح السكر مادة اساسية في العالم لاول مرة كما هو الحال الآن ومتوفرة لجميع الطبقات والناس، أي بكلام آخر تم تحرير السكر وتعريف العالم عليه، بدلا من البقاء حكرا على الطبقات العليا والقصور واصبح مادة استهلاكية تجارية . وبعدها ايضا انتشرت صناعة الشوكلاته والسكاكر والحلويات بشكل تجاري واسع.
نهاية القرن الثمن عشر تمكننت صناعة السكر اكثر من السابق واصبحت المصانع والآلآت الضخمة التي تقوم بشتى المهام جزءا لا يتجزأ من عالمها . وتم استخدام اول محرك يعمل على الطاقة البخارية في مطاحن السكر في الكاريبي وفي جاميكا تحديدا عام 1768 ومن هناك انتشرت ظاهرة استخدام المحركات الحديثة في جميع انحاء العالم . وفي هذه الفترة ايضا بدأ الاوروبيون يدرسون احتمالات استخراج السكر من مصادر اخرى غير قصب السكر ويناسب البيئة الاوروبية الباردة فعثروا على الشمندر الذي يقال انه مصدرا ل30 في المائة من السكر في العالم حاليا .
 حاليا تجري حروب تجارية شتى بين الكثير من الدول على تصدير السكر وانتاجه وخصوصا بين الكثير من دول العالم والإتحاد الاوروبي الذي يدعم قطاع انتاج السكر ليمنع احتمال استيراد كميات من الخارج كما هو الحال في اليابان واميركا.
وعندما اعتبرت الكثير من الدول منع اوروبا أي عمليات استيراد من الخارج مخالفا للقوانين الدولية وحرية التجارة لجأ الإتجحاد الاوروبي الى تخفيض سعر السكر بنسبة 40 في المائة تقريبا لوضع حد لاي محاولة للإستيراد من الخارج .
باية حال ، فإن السكر واحد من اهم المواد التي يتم الإتجار بها في العالم ، وهي من اهم المواد الاساسية التي تستخدمها كل الشعوب يوميا وبكثرة ، اما لغايات التحلية واما لصناعة الحلوى وغيره من انواع القطر . وهناك ما لا يقل عن مئة دولة من الدول المنتجة له حاليا . وتشير المعلومات ان استهلاك السكر حول العالم يترواح بين 4 كلغم للفرد في اثيوبيا و40 كلغم للفرد في بلجيكا . ويقال ان معدل استهلاك الفرد في بعض البلدان يصل الى 35 كلغم في السنة .
 
ولا بد من التأكيد هناك ان معظم السكر المستهلك حول العالم يأتي من قصب السكر الذي ينمو بكثرة في المناطق الحارة ومن الشمندر الذي يزرع بكثرة في المناطق الباردة . وينتج من قصب السكر 6 مرات ما ينتج من الشمندر عادة على ذمة احصاءات عام 2005 ، رغم ان بعض المصادر تشير الى ان 30 في المائة من السكر في العالم يأتي من الشمندر  كما سبق وذكرنا . وينتج السكر بكثرة من البلح او التمر والنبتة العشبية المعروفة باسم "سورغوم " (Sorghum) بالإضافة الى القيقب (Sugar Maple) . ووصل الإنتاج العالمي من السكر عام 2005 حوالي 134.1 مليون طن . وعادة ما يزرع الشمندر بكثرة في كاليفورنيا واليابان واوروبا والمناطق الباردة او الشمالية نسبيا . وتعتبر القارة الاوروبية من اكثر الدول استيرادا لمادة السكر الطيبة في العالم  .
يزرع قصب السكر بكثرة في المناطق الحارة والإستوائية واهم الدول المنتجة له حول العالم هي البرازيل والهند واستراليا والمكسيك والصين وتايلاندا . وتعتبر البرازيل الاهم دوليا إذ تنتج سنويا 30 مليون طن ( احصاءات 2006) ، ويليها الهند ب21 مليون طن وثم الصين ب11 مليون طن ( رابع اهم منتوج في الصين ) وبعدها تايلاندا والمكسيك ب 5 مليون طن . ويبدو واضحا الوضع الهام الذي تتمتع به القارة الآسيوية . فانتاج الصين وتايلاندا والهند معا يشكل 40 في المائة من الإنتاج العالمي . اميركا اللاتينية تأتي في المرتبة الثانية بنسبة 32 في المائة من الإنتاج العالمي ثم كل من افريقيا واميركا الوسطى بنسبة 8 في المائة واخيرا استراليا بنسبة 5 في المائة . ولا يشكل انتاج كل من الولايات المتحدة واوروبا والكاريبي اكثر من 3 في المائة .
.
كادر (1)  :
عنوان: مكونات السكر الابيض الناعم الطبيعية .
- بوتاسيوم---------------- 2 ملغم ( 0 %) .
- حديد ----------------- 0.01  ملغم ( 0 %) .
- كالسيوم -------------- 1 ملغم ( 0 %) .
- فيتامين "بي 2 " (ريبوفلافين ) ------------ 0.019 ملغم (1 % ) .
- بروتين ----------------- 0 غرام .
- دهون ------------------0 غرام .
- سكر ----------------- 99.91 غرام .
- نشويات ------------- 99.98 غرام .
- الياف -------------- 0 غرام .
 - ماء --------------- 0.03 غرام .
المصدر : (: USDA Nutrient database) . 

كادر (2)
عنوان: مكونات السكر الاسمر الطبيعية .
- زنك -------------------- 0.18 ملغم  (2 %).
- صوديوم ---------------- 39 ملغم ( 3 %) .
- بوتاسيوم---------------- 346 ملغم ( 7 %) .
- فوسفور ---------------- 22 ملغم (3 %).
- مغنيزيوم -------------- 29 ملغم ( 8 % ) .
- حديد ----------------- 1.91 ملغم ( 15 %) .
- كالسيوم -------------- 85 ملغم ( 9 %) .
- فيتامين "بي 1" ( ثيامين ) ------ 0.008 ملغم ( 1% ) .
- فيتامين "بي 2 " (ريبوفلافين ) ------------ 0.007 ملغم (0 % ) .
- فيتامين "بي 3 " ( نياسين )--------------- 0.082 ملغم (1 %).
- فيتامين "بي 6 " ---------- 0.026 ملغم ( 2 % ).
فيتامين "بي 9 " ( فولات) ------------------- 1 ملغم ( 0 % ).
- بروتين ----------------- 0 غرام .
- دهون ------------------0 غرام .
- سكر ----------------- 96.2 غرام .
- نشويات ------------- 97.33 غرام .
- الياف -------------- 0 غرام .
- ماء --------------- 1.77 غرام . 
المصدر : (: USDA Nutrient database) . 



تاريخ الشوربة - History of Soup (2)



Soup
علاقة لغوية حارة بين الحساء والخبز
 two sauces topped with seeds



لندن : كمال قدورة
تقديم
مع اقتراب فصل الشتاء، تتغير طبيعة حركتنا ومعيشتنا ونبدأ بالتفكير بالبرد وبتبديل ملابسنا ومآكلنا ما يناسب الفصل الجديد والطويل. وعادة ما نستعيد بعض المآكل للتأقلم مع الحياة البيتية الداخلية الجديدة. ومن اهم هذه المآكل التي تجد نفسها بكثرة على موائدنا خلال هذا الفصل هو طبق الحساء او " الشوربة " - على انواعه - لما فيه من المواد المغذية والمفيدة والغنية بالسعرات الحرارية بالتحديد. ومن اهم حسنات الحساء الحديثة ان بالإمكان استخدام الكثير من فضلات الخضار وغيره، في اعداده وتحضيره مما يوفر الجهد والمال خصوصا عند العائلات الفقيرة والمعدمة. وهو ايضا سهل التحضير بشكل عام ولا تستغرق عملية تحضيره الكثير من الوقت بالإضافة الى انه سهل الهضم ويعوض ما يخسره البعض من فوائد الطعام احيانا بسبب مشاكل القضم والاسنان واللثة. وبسبب هذه المشاكل ايضا درجت بعض المجتمعات العربية على استخدام الخبز مع الحساء او ما يعرف منه ب"الفتة " في لبنان، لأن كبار السن يجدون صعوبة في قضم الخبز الناشف والطازج، ويفضلونه مبللا سهل البلع.  
ويعتبر طبق الحساء من انواع الاغذية التي نجدها متوفرة بكثرة وبسهولة في المستشفيات والسجون وملاعب كرة القدم ومراكز الترفيه الكبرى والجمعيات الخيرية لرخص تكاليفه وطيبة مذاقه.
لكن كل هذا لا يعني انه لا قدرة لهذا الطبق على التنافس مع الكثير من انواع الطعام او المآكل، إذ يمكن ان يكون بعضه من الأنواع الشهيرة والفاخرة والغنية بافضل المواد. وعادة ما يولع به الكثير من الزعماء والنجوم واهل المهنة من الطباخين، لما يتطلبه من مهارة وعناية في التحضير احيانا.
ويمكن للحساء ايضا ان يكون من الأطعمة او المآكل اللذيذة التي تقدم لفتح شهية الفرد عبر   الطعم والشكل والزينة والالوان. ومن حسناته ايضا ان بالإمكان تناوله مع الخبز والزبدة او زيت الزيتون، أي انه ليس من انواع المآكل المنفردة بل من المآكل التي تستقي قيمتها من قيمة ما يقدم الى جانبها من منوعات مثل الخبز والبصل الاخضر والفجل والأعشاب البرية والبهارات وغيره. بأية حال فإن الحساء مرغوبا في معظم البلدان والمناطق اكانت معتدلة ام حارة ام باردة، رغم انتشاره في فصل الشتاء القارس بكثرة كما ذكرنا.
.
التاريخ
مضى زمن طويل على اعتماد الناس على طبق الحساء بانواعه المختلفة كمصدر للغذاء والدواء . ويقول المؤرخون ايضا ان تاريخ الطبق يعود الى تاريخ الطبخ نفسه على الارجح، إذ كان مرغوبا من قبل الرحل والمستقرين في الارض على حد سواء، ومن قبل الأغنياء كما هو الحال مع الفقراء ولدى الأصحاء كما هو لدى المرضى.
الكثير من المؤرخين يعتقدون ان الحساء بالأصل هو نفسه وان اختلفت اسمائه، أي ان اطباق حساء البندورة  ( الطماطم) في انكلترا والبصل في فرنسا و"البورشيت " في روسيا، ليست الا انواعا لنفس الثيمة. كما ان المطاعم الحديثة -التي انتشرت في العالم بدءا من العاصمة الفرنسية باريس ايام نابليون في القرن الثامن عشر- اعتمدت على اطباق الحساء كاساس لأعمالها ونشاطاتها، ولهذا يعتبر البعض ان الحساء الحديث بشكل عام من اصل فرنسي يتدرج او ينحدر من المطبخ الفرنسي إذا وافقنا على الرأي ام لم نوافق.
وبما اننا في سياق ما هو حديث، لا بد من ان نتذكر ان الثورة الصناعية والتقنية الاخيرة، ساعدتنا على وضع طبق الحساء في اشكال ونماذج مختلفة، إذ يمكن ان يكون الطبق هذه الايام من النوع المتنقل الذي يمكن حمله من مكان الى آخر، او المُعَلب او الجاف (المٌنَشَف) على شكل دقيق ناعم، او ما هو خاص فقط ب"المايكروويف". وقد انتشر استخدام الحساء الجاف  عبر الجيوش والمستشرقين والرحالة الغربيين في القرن التاسع عشر، إذ كان خفيف الحمل يكفي لمنح الفرد ما يحتاجه من فيتامينات وبروتينات وسعرات حرارية ضرورية خلال تنقلاته.

علاقة لغوية حارة بين الخبز والحساء
      
 يقول بعض العارفين بتاريخ الطعام، ان النوع الوحيد من اطباق الحساء الذي كان متوفرا قبل اختراع الخبز، هو الحساء المكثف ( الثخين ) المطبوخ بالقمح او المطبوخ بالخضار واللحم في الاواني الفخارية. وما ساهم في ترسيخ الحساء كغذاء اساسي على موائدنا وخصوصا في الدول الاوروبية الغربية، هي قيمته كمصدر مستقر للتغذية، إذ لم يكن الخبز في بعض الدول الاوروبية في القرون الماضية متوفرا للجميع بل حكرا على اهل البلدات الكبيرة والمدن.
من الناحية الإيتمولوجية أي من ناحية اصل الكلمة ولفظها وتاريخها، كلمة " سوب "
( Soup) تعني " "المبلول " او "المنقوع " او " المغمس " في سائل ( صلصة او زوم ) معين. والكلمة لاتينية كلاسيكية الاصل والمانية ايضا انتقلت الى الإنكليزية ثم الفرنسية. الا ان اللغة الإنكليزية لاحقا وحديثا ورثت عن الفرنسية معنى كلمة " سوب " الذي يقول بأنه : "طعام  سائل مضاف الى خبز " .  لكن المعنى الفرنسي متعدد ومتناقض ويقول ايضا العكس، أي انه : " قطعة خبز مغمسة بطعام سائل". وقد درج الإنكليز قبل الثورة الصناعية، على اضافة خليط من اللحم والخضار على قطع من الخبز( احيانا يستخدمون الخبز في الشوربة كما تستخدم  المطاعم الحديثة الآن "الكروتونز" )، ولم يبدلوا عادتهم هذه الا لاحقا في القرن الثامن عشر، عندما بدؤوا بفصل الخبز عن الحساء وتقديمه كما هو بسيطا وساخنا. وعلى الارجح ان الإنكليز استخدموا الخبز في الحساء في البداية لضرورات عملية أي لعدم توفر الملاعق. وهذه مسألة تتعلق بصميم طبيعة طبق الحساء في القرون الوسطى، حيث كان يفترض ان يحمل في طياته الطعام نفسه ووسيلة تناوله. ودرج تناوله بعد الظهر او عند نهاية النهار لخفته على المعدة.
اما بالعربية فالحساء حسب قاموس المنجد، هو السهل من الارض الذي يستنقع فيه الماء. ويقال في العربية ان الحساء ايضا هو ما يمكن تناوله كشراب وبمعنى ان من يحتسي هو من يشرب.




حساء البصل الفرنسي

المقادير :
- 5 بصلات حمراء ( اللون خيار شخصي ) .
- 1/4ملعقة شاي صغيرة من الملح .
- 1/2 ملعقة شاي صغيرة من الفلفل الاسود المطحون .
- 1/2 ليتر من الماء .
- 4-5 ملاعق كبيرة من الزبدة .
- 1/2 كوب من الخل الاسود او النبيذ الاحمر.
- 2 مكعب مكثف ( مركز ) الخضار.
- 10 قطع خبز صغيرة محمصة.
- 1 اصبع خبز فرنسي .

طريقة التحضير:
اشعل الفرن الى الحد الأقصى لمدة عشر دقائق واتركه مغلقا، ثم قطع البصلات الى مكعبات متوسطة الحجم وضعها في صينية ثم اضف عليها الملح والبهارات ( فلفل اسود) وبعض الزبدة ثم ادخلها في الفرن.
ثم قم بخفض درجة حرارة الفرن الى النصف واترك الصينية حوالي 40 او 45 دقيقة، وخلال هذا الوقت تفقد قطع البصل وقلبها واضف بعض الزبدة إذا شعرت بأن البصلات جافة وناشفة قليلة السائل او الزوم.
واثناء ذلك، اغل نصف ليتر من الماء واخلطه بمكعب او مكعبين من مكثف ( خلاصة او مركز) الخضار واتركه جانبا.   
بعدما تتأكد من ان البصل ذبل وترهل واصبح بنيا ( محمرا ) وشفافا تقريبا، انقل خليط البصل والزبد الى طنجرة متوسط الحجم وضعه على نار هادئة ثم  قلبه ( اقليه ) مع بعض النبيذ الاحمر او الخل الاسود ( حسب مذاق الفرد ) حتى يتشرب البصل معظم السائل .
وبعد ذلك اضف اليه الماء الساخن المخلوط بمكثف الخضار ، واترك الخليط كله يغلي لمدة 15 دقيقة وخلال عملية الغلي اعمل على تحريك السائل بالملعقة من دون توقف.
ثم اترك الحساء مغطا على نار هادئة لمدة 15 دقيقة اخرى حتى يصبح جاهزا للسكب والاكل.
بعد ذلك اضف بعض الزبدة على خبز او "توست " محمص ( يمكن استخدام "الكروتونز" )، وتناوله الى جانب الحساء. وبالإمكان وضع الخبز المحمص فوق الحساء ايضا واضافة بعض الجبن عليه ووضعه في الفرن من جديد لفترة بسيطة ليذوب الجبن على سطحه، حتى يثري  مذاقه.
* يمكن للبعض ان يستبدل الخبز المحمص، باللجوء الى استخدام قطع من اصبع الخبز الفرنسي المطلية او المدهونة بالزبدة.   

حساء العدس

المقادير
- 10 15-اوراق سلق كبيرة .
- 1/4 كيلو عدس اخضر عريض .
- 3 ملاعق كبيرة من زيت القلي .
- 1 ليتر ماء .
- 1/4 ملعقة شاي صغيرة من الملح .
- 1/2 ملعقة شاي صغيرة من الفلفل الاسود المطحون .
- 2 من حبات البطاطا.
- 1 بصلة شقراء.
- 4 حبات بندورة صغيرة .
-  2 من حبات الحامض .
- 2 رغيف خبز عربي.
- 150 غرام من الزبدة .  
- 4 بصلات خضراء .
- 5 حبات فجل احمر او هولندي ابيض طويل .

طريقة التحضير
اغسل جيدا اوراق " السلق " بماء بارد، وافرمها بطريقة خشنة، ثم اسكب بعض زيت القلي داخل طنجرة كبيرة، وبعد تحمية الزيت اضف السلق اليها وواصل تقليبه لمدة 10 دقائق على نار خفيفة، حتى يصبح داكنا وذابلا.
بعد ذلك اضف نصف كيلو من العدس الاخضر العريض بعد غسله وتنقيته، ثم حرك خليط العدس والسلق في الطنجرة بعد اضافة الملح والفلفل الاسود حتى يبدو  العدس محمرا نسبيا ( 7 دقائق ).
وعندما تشعر بأن الخليط اصبح ناضجا اضف ليتر من الماء الساخن عليه وحركه قليلا واتركه على نار قوية لمدة 10 دقائق او 15 دقيقة، ثم غط الطنجرة واترك الخليط ليطبخ على نهار هادئة لمدة نصف ساعة على الاقل.
يقدم الحساء الى جانب خبز مع الزبدة ( مسألة ذوق ) وعصير الحامض، والبصل الاخضر الطازج والفجل، ويفضل ان يؤكل ساخنا رغم ان الكثير من الناس تأكله باردا احيانا وخاصة إذا كان السائل او الزوم كثيفا ( ثخينا ).
  • يمكن للبعض اضافة عدة حبات من البندورة الصغيرة الداكنة الحمار -  كما هي - على الخليط قبل الإنتهاء من طبخه حتى يمنح الحساء طعما حامضا وهو طعم مفضل لحساء العدس.
  • حتى تحصل على سائل او مكثف لحساء العدس، يمكن قلي قطع صغيرة وناعم لحبتين من البطاطا ( متوسطة الحجم)، مع بصلة مفرومة بشكل ناعم ايضا، قبل اضافة السلق الى الطنجرة. ويعتبر هذا الخيار افضل خيار للحصول على الحساء الممتاز والطيب الذي يشعرك بالإمتلاء والدفأ.              

حساء الكراث بالبطاطا

المقادير

- 4 بصلات كراث متوسطة - كبيرة.
- 6 حبات بطاطا .
- 1 ليتر من الماء الساخن.
- 5 مكعبات من مكثف الخضار.
- 2 ملعقتا طعام من زيت الزيتون.
- ¼  ملعقة شاي من الملح .
- 1/2 ملعقة شاي صغيرة من الفلفل الاسود المطحون.
- 4 ملاعق طعام من الكريم المكثف ( double cream ).
- 100 مليتر من الحليب ( اختياري) .


طريقة التحضير 

اقطع جذور بصلات الكراث ، ثم اقطع كل بصلة طوليا ومناصفة واغسل جيدا بالماء البارد وتأكد من عدم وجود تراب بين طيات الأوراق .
اغسل حبات البطاطا جيدا والجأ الى تقشيرها إذ كانت البشرة متعبة قبل ان تقطع كل حبة الى ثمان مكعبات.
افرم اوراق الكراث بشكل خشن. حم بعض زيت الزيتون في قاع الطنجرة وزد عليه قطع الكراث ومكعبات البطاطا.       
بعد ذلك ، حرك الخليط قبل ان ان تغطي الطنجرة وتتركه على نار هادئة لمدة 10 دقائق. واثناء ذلك تابع تحريك الخليط من وقت لآخر حتى تمنع احمراره. 
بعدها اعمل على تذويب 5 مكعبات من مكثف الخضار في ليتر من المياه الساخنة، واضف السائل الى الخليط، ثم غط الطنجرة واترك الطعام على نار هادئة لمدة 10 دقائق اخرى حتى تنضج البطاطا .
عند التأكد من نضوج البطاطا، يمكن البدء بتناول الحساء بعد اضافة بعض الملح والفلفل الاسود المطحون. البعض يفضله كما هو والبعض الآخر يفضل عصارته أي ما تبقى منه من سائل بعد عصره. بعض الناس ايضا يعمدون الى اضافة الكريم المكثف الى الحساء قبل تناوله.

  • حساء الكراث بالبطاطا من الأطباق المفضلة في فصل الشتاء، لأهميته الغذائية، ولمذاقه الطيب.