الأربعاء، 11 سبتمبر 2019

تاريخ الكاجو - History of Cashew


الكاجو.. نقله البرتغاليون والإسبان من البرازيل إلى آسيا وأفريقيا
أميركا أول دولة تستورده من الهند عام 1905
لندن: كمال قدورة
يعتبر الكاجو من أنواع المكسرات أو الثمار الفاخرة والغالية الثمن منذ زمن طويل، ويكن له محبو المكسرات المملحة محبة خاصة لطعمه الحلو واللذيذ والطري، كما يكن محبو الطعام نفس المحبة، مثل الآسيويين وسكان إيران وتركيا وبعض الدول التي تستخدمه بكثرة في الطبخ وشتى الأطباق. والكثير من الشعوب تستخدم الكاجو كجزء لا يتجزأ من المطبخ اليومي، يرشونه فوق المقالي والحساء والكاري وغيرها من الأطباق. في الدول العربية، وخصوصا في لبنان، يستخدم كثيرا كمكسرات ولتزيين الحلوى على أنواعها وتزيين أنواع العصير كما الحال مع الزبيب والصنوبر. وبينما يضعه بعض الناس فوق الأرز، يحمصه البعض الآخر مع السكر، ويستخدم كمازة لا تعوض. ومن حسنات الكاجو كثمرة، أنه يحتوي على أقل كمية من الدهون من بين جميع أنواع المكسرات، وربما أفضل كمية من الألياف والفيتامينات. ومن غرائب النبتة التي أغرمت بها الناس منذ زمن، أن الكاجو ينمو قبل التفاحة أو الثمرة الأم التي تنتجها الشجرة والمعروفة بـ«تفاحة الكاجو» (cashew apple)، كما أن القشرة الخارجية التي تحمي نواة الكاجو تحتوي على الكثير من السموم الضارة أو الزيوت التي تسبب الحساسية والتي يستخدمها الناس حاليا لاستخراج الزيوت التي تستخدم في مكابح السيارات والآليات.الاسم العلمي للكاجو (cashew) هو «أنا كارديوم أوسيدانتال» (Anacardium occidentale) من جنس «أنا كارديوم» (Anacardium)، وهو جنس نباتي ينتمي إلى الفصيلة البطمية (ثنائية الفلقة كالمانغو والبطم والفستق الحلب)، ومن عائلة النباتات المزهرة «أناكاردياكيا» (Anacardiaceae) التي تضم الباستيشيو (pistachio) أو «الفستق الحلبي» و«المستكا» (Mastic). وتعطي شجرة الكاجو ثمرة تعتبر فاكهة من أنواع الفاكهة الحسلة (drupe) التي تتكون عادة من قشرة خارجية ونواة صلبة في الداخل. بأية حال، فإن الاسم «أناكارديوم» يرجع إلى شكل ثمرة الكاجو التي تشبه القلب المنغلق على نفسه، وهي تعني حرفيا القلب.
في النهاية، فإن شجرة الكاجو من الأشجار التي تحافظ على خضرتها طوال العالم وقادرة على التعايش مع معظم الاحوال الجوية، على الرغم من أنها تفضل البيئة الحارة والاستوائية بالتحديد. وهي بيضاوية الشكل واطئة الأوراق (عريضة) ومتوسطة الحجم، على الرغم من أن طولها قد يصل أحيانا إلى خمسين قدما. وتحمل الشجرة التي يسهل استغلالها وقطافها، زهورا صفراء اللون مائلة إلى الزهري ذات رائحة عطرية مميزة. ويتدرج الاسم الإنجليزي المستخدم حاليا للكاجو (cashew) من الاسم البرتغالي الذي أطلق على النبتة «كاجو» (caju) التي تعود بدورها إلى كلمة «أكاجو» (acaj) التي تنتمي إلى مجموعة اللغات المعروفة بالـ«توبي» (Tupi) التي كان يتكلمها قديما بعض سكان أميركا الجنوبية وبشكل خاص البرازيل التي استعمرها البرتغاليون. لكن الأسماء لا تتوقف هنا، إذ يقال إن الناس قديما في أميركا الجنوبية أيضا كانوا يطلقون على الكاجو اسم فاكهة السنة، لأن الشجرة لا تثمر إلا مرة واحدة في السنة على ما يعتقد. وفي اللغة البرتغالية نفسها التي منحت الكاجو اسمه الحديث، يطلق عليه عدة أسماء إضافة إلى الاسم التقليدي ومنها «أناكاردو» (anacardo) و«الكايويبيا» (alcayoiba). أما في الفرنسية فيطلقون عليه اسم «نوا دي كاجو» (noix d’acajou)، وفي الإسبانية «مارانون» (maran) المأخوذ من سشكان أميركا الوسطى، وأنكاردو أيضا. وفي اللغات الآسيوية كالأردية والهندية والبنغالية والنيبالية وغيرها يطلق عليه اسمه الأصلي «كاجو» بالكاف (kaju). كم تطلق عليه الكثير من الشعوب والدول أسماء كثيرة - معظمها لا علاقة لها بالاسم الأصلي، منها «باجويل» (pajuil) و«بوم كاجو» (pomme cajou) و«سارسغوريلا» (sarsgorilla).
بأية حال، فإن أصول الكاجو تعود كما يبدو إلى أميركا الجنوبية والبرازيل وبالتحديد المناطق الشرقية، وقد قام البرتغاليون الذين استعمروا البرازيل كما ذكرنا - وكما هو الحال مع المطاط والقهوة والشاي - بنقله إلى مستعمراتهم في القارة الآسيوية بين عامي 1560 و1565، وبشكل خاص إلى مستعمرة غوا (Goa) المعروفة في الهند. وساهم الإسبان أيضا لاحقا بنشره في مستعمراتهم الآسيوية وكانت الفلبين على رأس هذه المستعمرات. ومن هناك انتشر الكاجو في جميع أنحاء الهند وجنوب شرقي آسيا ومعظم أنحاء القارة قبل أن يصل إلى أفريقيا. وكانت الولايات المتحدة الأميركية أول من استورد من الهند عام 1905. وأول ما استخدم الهنود شجره كان لغايات منه الانهيارات الطينية والتحريج لحسنات جذورها في الحفاظ على التربة. وتشير المعلومات المتوافرة، إلى أن استغلال محاصيل الكاجو على نطاق تجاري واسع لم يتم إلا في الستينات من القرن الماضي كما هو الحال مع التفاح وغيره من الثمار. تكمن أهمية الهند على صعيد الكاجو حاليا أنها تملك أكبر مساحة لزراعة النبتة الطيبة في العالم، على الرغم من أن فيتنام أكبر المنتجين لها في العالم ويليها نيجيريا والبرازيل. ويفرز العالم لزراعته نحو 33.900 كلم مربع. وتنتج هذه الدول الأربع وحدها تسعين في المائة من إنتاج الكاجو العالمي السنوي. ومن أهم المناطق التي تعتني بالكاجو في الهند، ومعظمها يلجأ إلى القوة النسائية العاملة - ومعظمها أيضا في أشباه الجزر - هو إقليم كيرالا وكارنتاكا وغوا وماهاراشترا على السحال الغربي، بالإضافة إلى أقاليم ومناطق أندارا بارديش وأوريسا وعرب البنغال على الساحل الشرقي. وتقل زراعته في الشمال مثل أسام ومانيبور وتريبورا وبعض الجزر كجزر أندمانو نيكوبار. وتصدر الهند حاليا الكاجو إلى الولايات المتحدة والدول العربية وخصوصا دول الخليج والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة واليابان فرنسا وإسرائيل وأستراليا وألمانيا وكندا وإسبانيا وإيطاليا وسنغافورة وهولندا. لا يستعمل الكاجو بشكل مفرد فقط أي مملحا أو محلى بالسكر، لطعمه الطيب واللذيذ، بل في الكثير من الأمور. وأحيانا كثيرة يستخدم مع الشوكولاته في الدول الأوروبية،، لكن ليس بنفس الكثرة التي يستخدم فيها في سوريا ولبنان وتركيا وإيران فوق شتى أنواع الحلوى والمشارب - بسبب غلاء سعره كما يبدو. ويعتبر الكاجو جزءا لا يتجزأ من المطبخ التايلاندي والصيني والهندي كما سبق أن أشرنا، وعادة ما تصنع منه شعوب هذه الدول مسحوقا خاصا لصناعة وتحضير الصلصة كصلصة آل «شاهي كورما» (Shahi korma). كما يستخدمه الهنود مع الحلوى أيضا وفوق السلطات ومع بعض أنواع اليخنات أو الكاري، وأحيانا أيضا في صناعة الجبنة المنزلية. كما يعصر أهل إقليم غوا تفاح الكاجو ويخلطونه بالسكر والماء أحيانا لتحضير المشروب الكحولي الذي يطلقون عليه اسم «فيني» (Fenny)، بدلا من جوز الهند.
وفي ماليزيا، يستخدمون أوراقه للمضغ ولتحضير السلطة خضراء، أو مع صلصلة الحر الشهيرة في هذه البلاد صلصلة (sambal) التي تشمل خلاصة القريدس مع الحر والليمون أو اللايم. وفي البرازيل، موطن الكاجو الأصلي، يستخدمون بكثره عصيره في جميع أنحاء البلاد. كما يبيعونه مملحا وطازجا ورخيصا في المناطق الشمالية خصوصا المناطق السياحية. أما في الفلبين التي ورثته من إسبانيا مع الكاثوليكية، فيعرف كثيرا في مدينة أنتيبولو في إقليم ريزال، ويأكل هناك مع كعك السمان (Suman) المصنوع من الأرز وحليب جوز الهند. وفي إقليم بامبانعا في الشمال في لوزون، يأكلونه كحلوى ويطلقون عليه اسم «تورونس» (Turrones). وفي تنزانيا أيضا وفي إقليم ميطوارا بالتحديد، يقومون باستغلال الكاجو لصناعة الكحول كما هو الحال في غوا في الهند فيجففون تفاحه (يسمونه «بيبو» باللغة المحلية السواحلية التي تسخدم على سواحل شرق أفريقيا)، ويخلطونه لاحقا بالماء ويتم تخميره للحصول على مشروب «غونغو» (Gongo). وفي موزمبيق التي تهتم بالكاجو أيضا، نتيجة الوجود البرتغالي تاريخيا، يكون بنفس العملية لصناعة الكحول ويطلقون عليه اسم «أغوا أردينتي» (agua ardente) الذي يعني «الماء المغلي». ويعتبر بيع هذا المشروب الشعبي من القطاعات الرئيسية التي تتكل عليه النساء والفقراء في معيشتها اليومية ويبيعونه بالقوارير وفي الأكواب وبالأباريق أيضا.
وعلى صعيد فوائده، تشير المعلومات المتوافرة، إلى أن الكاجو يعالج تقرحات المعدة والتقرحات المعوية، وهو قادر على امتصاص الأحماض أو الأسيد في المعدة. كما يقال إنه ينشط الحيوية الجنسية ويساعد على مقاومة العجز الجنسي عند الرجال بسبب ما يحتويه من مادة الزنك. وتقول الموسوعة الحرة إن الكاجو مخفض لمستوى السكر في الدم أي إنه يساعد مرضى السكري. كما يفيد الكاجو المصابين بفقر الدم لأنه غني بالحديد.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق