الكوسا.. نشرها كولومبوس في المتوسط وأعادها «الطليان» إلى أميركا سنوات الهجرة...
لندن: كمال قدورة
الكوسا من أنواع القرع أو ما يدعى بالإيطالية بـ «السكواش» (تعني بالهندية: أشياء خضراء تؤكل خضراء)، وتنتمي إلى نفس العائلة النباتية التي ينتمي إليها الخيار واليقطين والبطيخ، والتي تعود جذورها إلى وسط وجنوب أميركا.
وقد جلب كريستوفر كولومبوس معه من أميركا بذور النبتة التي تعتبر علميا من أنواع الفاكهة، إلى أوروبا ونشرها في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وبدأ سكان الولايات المتحدة، باستخدامها بشكل واسع في العشرينات من القرن الماضي وعبر المهاجرين القادمين من ايطاليا (بشكل خاص كاليفورنيا)، الذين تابعوا عادتهم بزرعها وطبخها في المهجر كما هو الحال في الوطن الأم.
في المحصلة فإن الكوسا التي نأكلها هذه الأيام من أصول ايطالية في معظمها، إذ اعتنت ايطاليا بالكوسا وأحبتها وطورتها وزرعت الكثير من أنواعها، الصفراء والخضراء الفاتحة والخضراء الداكنة والسمينة والنحيفة والطويلة والصغيرة.
لذا تعرف الكوسا في الغرب باسمها الايطالي الأصلي zucchini، التي تعني الـ «السكواش» (قرع) الصغيرة. ويقال إن الفرنسيين عزفوا عن الكوسا إلى أن بدأ الطباخين باختيار الصغير والطري منها، وقد أطلقوا عليها الاسم المستخدم أيضا بالإنجليزية: «كورجيت» courgette. ويفسر هذا بعض الشيء اهتمام المطبخ الشعبي اللبناني والسوري والفلسطيني بالكوسا الصغيرة والطازجة والطرية، وقلما يستخدم الناس في هذه البلدان، خصوصا لبنان، الكوسا الكبيرة الحجم إلا في حالات الضرورة أو للقلي فقط ولا تستخدم للحشو. ويطلق الباعة في الساحات العامة على الكوسا ـ إغراء، كالخيار ـ صفات الصغر لاستدراج البائعين بشكل عام.
بأية حال، فإن اسم نبتة الكوسا العلمي هو Cucurbita pepo، وهي من النبتات أو أنواع الفاكهة المعروفة من آلاف السنين. وتعتبر فاكهة لأن الكوسا في عالم الطبيعة هي مبيض الزهرة الصفراء التي تحملها. ومن المعروف أن الزهرة يمكن أن تكون ذكرا ويمكن أن تكون أنثى. الذكر منها ما تفرع من العروق جانب الأوراق، أما الأنثى فهي الزهرة الصفراء الذهبية الناضحة بالحيوية على بطن حبة الكوسا او نهايتها إذا صح التعبير، وهي عادة اكبر بكثير من زهرة الذكر الطويلة والنحيفة. إلا أن كليهما صالح للأكل، ويعتبران من المآكل اللذيذة والخاصة التي درج الكثير من الناس على طبخها في المناسبات الخاصة.
وفي ما يطهو البعض الزهرات قليا بعد غمسها بالزبدة أو زيت الزيتون ـ وهي طيبة المذاق ـ يلجأ البعض خاصة في اليونان إلى حشوها بالرز واللحم كبقية «المحاشي» (ورق العريش والباذنجان والكوسا نفسها والفلفل الحلو). وفي أسوأ الأحوال يمكن استعمالها في تحضير السلطة (مع البندورة والخيار والبقدونس والنعناع والفجل والحامض وزيت الزيتون)، إذ ان طعمها رخيم وحلو يناسب معظم الأذواق. وتعتبر الزهرة عادة من المواد المرطبة كالنبتة الأم، يمكن استخدامها لترطيب القروح والجروح وتغذية البشرة والمساعدة على استرخائها.
ومن المعروف أيضا أن الكوسا إلى جانب مثيلها الباذنجان من النباتات التي تسهّل هضم المآكل المؤلفة من اللحوم والتوابل والأرز وغيرها لكثرة المياه فيها.
وقد أشار العرب القدماء، خصوصا الأطباء، إلى نبتة الكوسا (يسميها العراقيون بالشجر لاحتوائها على الألياف والعروق والبذور)، على أنها من النباتات والأغذية الباردة التي تلائم فصل الصيف لتأثيرها الكبير على خفض درجة حرارة الجسم.
الكوسا، وفيما وصفها ابن العطار بأنها غذاء رطب سهل السقوط إلى المعدة، أشار الرازي أيضا إلى أنها من الأغذية والنبتات الباردة المولدة للبلغم، لكنها أيضا من النبتات المبردة والمسكنة للهب.
وتحتوي نبتة الكوسا عادة على الكثير من المواد، وتتركب من الماء والبروتينات والدهون والنشاء والألياف والرماد والأملاح المعدنية. أضف إلى ذلك المغنيزيوم والفوسفور والبوتاسيوم والكبريت والكالسيوم والحديد وفيتاميني (أ) و(ج).
ورغم أن القيمة الغذائية للكوسا بشكل عام ضئيلة، فإنها تعتبر من الوجبات الدسمة والمفيدة طبيا بشكل كبير وتساعد على علاج بعض الأمراض الخطيرة لاحتوائها على تلك الفيتامينات. فمثلا تطرد بذور الكوسا الدود، خصوصا «الدودة الوحيدة»، وبإمكان عصيرها معالجة حالات الإمساك الحاد.
* الفوائد الطبية للكوسا
* تستخدم في علاج بعض الأمراض الجلدية.
* تدعم جهاز المناعة في الجسم بشكل عام وهذه من الصفات المهمة والأساسية.
* تعتبر من النباتات التي تساعد على نمو العظام وبالتالي الأسنان.
* تدر البول وتفتت الحصى والرمل.
*تخفف من حرارة المرضى الذين يعانون ارتفاعا في درجة حرارتهم، كما تخفف من حدة العطش أيضا .
* ويقال إنها تمنع اليرقان وتعمل على تنشيط الكبد.
* تهدئ الأعصاب بشكل عام وتستخدم في علاج الأمراض النفسية وتوصف عادة للمصابين بالأمراض النفسية والضعف الذهني الذي يعاني منه كبار السن عادة.
* تطهر وتلين المعدة والأمعاء.
* تساعد على خفض ضغط الدم.
* تفيد في علاج بعض الأمراض الجلدية وتنقح البشرة وترطبها وتنعشها.
* تساعد على تقوية وتحسين الذاكرة.
* تساعد على تسكين آلام التهابات المجاري البولية والآلام التي تتعرض لها المثانة والوقاية من أورامها.
* تساهم في معالجة أمراض والتهابات الصدر كالسعال وغيره.
* تساعد على إنقاص الوزن.
هناك الكثير من الوصفات الخاصة بالكوسا، لكن هذه النبتة الطيبة والخاصة تعرف في البلدان العربية على أنها من المآكل الفاخرة، خصوصا لأنها من عائلة الأطباق التي يطلق عليها اسم «المحاشي». ورغم أنها تطبخ محشية بالرز واللحم أو الخضار وبصلصة البندورة، فإن افخر أنواعها ما تم حشوه وطبخه باللبن. وقد تركت إحدى النساء العربيات لشدة غرامها بهذا الطبق للقراء على شبكة الإنترنت (موقع سفينة النجاة الإلكتروني)، وصفتها الخاصة بـ «الكوسا باللبن»، ليتمتع بها الناس، وهي وصفة شعبية بسيطة يمكن لأي فرد تطبيقها. والوصفة التي سنقدمها للقراء قريبة جدا من وصفة المرأة المحبة للطبخ وأخبار المطبخ.
* وصفة كوسا باللبن
* المقادير:
ـ 1.5 كيلوغرام من الكوسا (8 حبات ـ صغيرة الحجم).
ـ 1.5 كيلوغرام من اللبن (البعض يفضلون الخالي من الدسم).
ـ 4 أكواب من الماء.
ـ 3 فصوص من الثوم.
ـ نصف ملعقة شاي من الملح.
ـ حفنة من النعناع الأخضر المفروم.
مقادير الحشوة:
ـ نصف كيلو غرام من اللحم (حسب الذوق، ويمكن خلط لحم البقر مع الغنم أحيانا).
ـ كوب من الأرز. ـ رشة من الملح.
ـ ربع ملعقة شاي من القرفة المطحونة.
* طريقة التحضير:
1 ـ أولا اعمل على طهي اللبن، ثم اغسل حبات الكوسا قبل وبعد نقرها واتركها تنشف وتصفى على فوطة نظيفة.
2 ـ بعد ذلك اعمل على خلط الأرز باللحم المفروم والملح والقرفة، وعلى حشو الكوسا بالحشوة، وتأكد من أنها ليست متخمة بالرز واترك الحشوة خفيفة ثم رتبها في الطنجرة أو القدر.
3 ـ أضف الملح والماء إلى اللبن المطبوخ، واتركه على نار معتدلة الحرارة. وبعد حالة الغليان خفف النار وغط الطنجرة واترك الخليط يخرط لمدة نصف ساعة تقريبا.
4 ـ بعد ذلك تضاف الكوسا المحشوة إلى اللبن، وتترك على نار هادئة لمدة تتراوح بين 15 ـ 20 دقيقة حتى تنضج.
5 ـ ثم ينصح بإضافة الثوم المهروس مع النعناع الأخضر (البعض يفضل الكزبرة) إلى اللبن، وترك الكوسا تطهى لمدة 5 دقائق أخرى.
6 ـ بعد ذلك يمكن تقديم الطبق الشهي مع الخبز وأحيانا البصل الأخضر أو بعض الأعشاب البرية.