«تشوبستيكس».. تاريخ وضرائب
اليابانيون يستهلكون أكثر من 45 مليار زوج من العيدان سنويًا
لندن: كمال قدورة
لأن استخدام عيدان الأكل في الصين مكلف جدًا من الناحية البيئية، فرضت الحكومة ضريبة جديدة على ثمنها قبل عشر سنوات، إذ أشارت الدراسات والإحصاءات الأخيرة بهذا الصدد إلى أن اليابانيين، يستهلكون ما لا يقل عن 45 مليار زوج من العيدان في العام أي ما يساوي 25 مليون شجرة سنويا و200 جوز للفرد الواحد.
ولهذا السبب، تستورد اليابان حاليا 90 في المائة من العيدان الاستهلاكية السريعة التي تستخدم لمرة واحدة من الصين، رغم أنها أول من صنعها في نهاية القرن التاسع عشر. كما بدأت الولايات المتحدة بتوريد العيدان المصنوعة من الأخشاب التي تحتاج إلى العلاج الكيميائي.
* أنواع العيدان
* لا تختلف أنواع العيدان المستخدمة من ناحية المواد المصنوعة منها فحسب، بل تختلف من ناحية السماكة والطول. وهناك نوعان من العيدان، العيدان الطويلة (30 - 40 سم) لغايات الطبخ ويطلق عليها اسم «سايباسي» (Saibashi)، ويفضل منها المعدنية في هذا الإطار خصوصا للقلي العميق، والعيدان القصيرة (30 سم) التي تستخدم لتناول الطعام.
عادة ما تصنع العيدان من الخشب والقصب. وتعتبر عيدان الخشب أرخص أنواع العيدان وأكثرها تفضيلا بين الناس لأنه يسهل الإمساك بها ولا تعكس الحرارة. ويكثر استخدام عيدان القصب في المطاعم لسهولة استبدالها، وفي عمليات الطبخ ويطلق على العيدان السريعة الاستبدال الملتصقة ببعضها البعض (دلالة على عدم استخدامها في السابق) اسم «واريباشي» (waribashi)، وتعتبر القدرة على تزيين وتلوين وورنشة عيدان الخشب من العوامل التي تجذب الناس لها.
وتعتبر العيدان المصنوعة من بلاستيك الميلامين، من أرخص الأنواع، لكنها أقلها فعالية لأنها ملساء لا تلتقط الطعام بالقوة نفسها، ولا يمكن استخدامها لغايات الطبخ، وأحيانا تنتج مواد سامة. أما العيدان المعدنية أو الفولاذية المضادة للصدأ، فهي من العيدان المفضلة لسهولة استخدامها للطبخ وسهولة تنظيفها.. ومن المواد التي يستخدمها الناس أيضًا وعلى شكل الخصوص الأغنياء هي العيدان المصنوعة من الفضة والبورسلان والذهب والعقيق والعاج وشتى أنواع المواد النفيسة والغالية الثمن.
* تاريخ
* رغم أن موطن عيدان الأكل واستخدامها هي معظم بلدان شرق آسيا وبشكل خاص في الصين واليابان وكوريا وتايوان وفيتنام منذ أكثر من ستة آلاف عام، فإنها تنتشر في كل مكان في أنحاء العالم على قدر انتشار المطبخين الصينيين التقليدي والسريع.
وقد عثر علماء الآثار على بقايا العيدان البرونزية في قبور مدينة ين Yin الأثرية القديمة في إقليم هينان إلى جانب المخطوطات. وكان الناس يستخدمون هذا النوع لأن بالإمكان استخدامه في القدر العميقة أثناء الغلي أو القلي من دون أي مخاطر. ومن الصين ومن قومية الهان انتشرت تاريخيا نحو تايلاندا وماليزيا ومينمار (بورما) ولاوس وإندونيسيا ومملكة بوتان ونيبال والتيبت.
يقول العلماء إن الاستخدام الشعبي والمكثف للعيدان بدأ عام 1200 قبل الميلاد، ولكن لم يبدأ استخدامها لتناول الطعام إلا بعد عام 500 للميلاد مع انتشار مطاعم السوشي وتحضير العيدان الملفوفة بالنباتات أو الفوط للزبائن أيام مملكة هان. والأهم من ذلك ومع تغير الموارد البشرية والغذائية في الصين آنذاك بدأ الطباخون تقطيع الخضار واللحوم إلى قطع صغيرة، مما يسهل طبخها بأقل كمية ممكنة من الوقود ويسهل الإمساك بها بالعيدان. ويقول بعض البحاثة، إن التحول إلى القطع الصغيرة في الطعام تاريخيا، أدى إلى تراجع استخدام السكاكين وارتفاع وتيرة استخدام العيدان.
ويبدو أن الاستخدام المزدوج للعيدان، للأكل وتحضير الطعام، واتخاذ العيدان شكلها الحالي، لم يبدأ قبل حكم عهد أسرة مينغ بين القرنين الرابع والسابع عشر. وتشير المعلومات المتوفرة بهذا الشأن إلى أن الفيلسوف كونفوشيوس، وهو نباتي، كان يعتقد أن استخدام الأواني المنزلية المعدنية يذكر الناس بالمسلخ، كما كان كونفوشيوس يقول أيضًا إن السكاكين الحادة تثير العنف والحروب وتقضي على اللحظات التأملية الهادئة المطلوبة أثناء تناول الطعام. ولذا لم تكن العيدان أيام كونفوشيوس حادة ومسننة الرأس.
* التسمية
* يعود اسم العيدان «تشوبستيكس» (chopsticks) على ما يقول قاموس «أكسفورد» من الصينية الإنجليزية المبسطة التي كان يطلق عليها اسم بيدجين بين القرن السابع عشر والقرن التاسع عشر. وكان البحارة والرحالة الإنجليز يطلقون عليها اسم «تشويتشوب» لأنها تعني «بسرعة». إلا أن الاسم الصيني الأصلي للعيدان فهو «كوايزي» (kuaizi)، ويتضمن هذا الاسم بذاته كلمتين؛ الأولى تعني «سريع» والثانية «قصب».
وفي اليابان يطلق الناس على العيدان اسم «هاشي» (hashi)، وأحيانا تسمى «أوتيموتو» (otemoto) والكلمة مؤلفة من كلمتين الأولى «تي» (Te) التي تعني «يد» والثانية «موتو» التي تعني «المنطقة التي حول...»..
أما في تايوان، فيطلق الناس عليها اسم «دي» (DI)، ولأن تايوان لم تعرف أي ثورة ثقافية فيها على غرار ثورة ماو تسي تونغ، لا تزال تستخدم الحروف الصينية التقليدية القديمة. أما العيدان التي تستخدم لوقت طويل، فيطلق اسم مايباشي (maibashi) تعني «عودتي أنا»، وفيما يسميها الكوريون «جيو» (jeo)، التي تخلط بين معنيي العيدان والملاعق، يطلق عليها الفيتناميون اسم «دوا».