الصبار... 130 صنفا و1750 نوعا
أسطورة إيجاد العاصمة المكسيكية مرتبطة به
لندن: كمال قدورة
من أجمل المشاهد التي رأيتها في المغرب، خلال رحلة القطار بين الدار البيضاء وفاس، كان مشهد الصبار المترامي على جانبي السكة الحديد للفصل بين أراضي المزارعين والدور الكبيرة في المناطق الريفية. ومع أننا نعرف النبتة جيدا، فنحن لم نعتد على رؤية الصبار بهذه الكثافة في لبنان ودول بلاد الشام - وإن رأيناه بكثرة فنراه كثمرة مبردة على العربات وعلى جانبي الطرق خلال فصل الصيف لنشتريه ونتمتع بمذاقه الفريد واللذيذ.
الصبار - Cactus من النباتات التي تتبع الفصيلة الصبارية من رتبة القرنفليات ويحمل اسم العائلة أو الاسم العلمي هو Cactaceae ومنه ما لا يقل عن 130 جنسا تضم 1750 نوعا تأتي في جميع الأشكال من نواحي الارتفاعات والثمار والأوراق، لا يجمع بينها إلا حب البيئة الحارة أو الجافة جدا ولذلك يمكن العثور عليه حتى في صحراء أتاكاما في تشيلي في أميركا اللاتينية التي تعتبر أكثر الأماكن الجافة على سطح الكرة الأرضية. ومعظم أنواع الصبار من النباتات العصارية التي تختزن الماء في أوراقها وسيقانها وجذورها للتأقلم مع البيئة الصعبة التي تعيش فيها. ولأن سيقانها مليئة بالماء ترغبها الإبل في المناطق الصحراوية.
وتنقسم الفصيلة الصبارية إلى أربع أسر، أكبرها يضم تسع قبائل. ومن هذه الفصائل اوبونتيوديا - Opuntioideae المعروفة بـ«الصبيراوايات» والتي تضم 15 جنسا منها نوع اوبونتيا - Opuntia (الصبير) الذي يضم الكثير من الأجناس وبالأخص النوع الذي نأكل ثماره وهو اوبونتيا فيكوس انديكا - Opuntia ficus - indica الذي جاء من وسط المكسيك.
ويعتقد أن الاسم الذي كان يستخدم أيام الحضارة الأزتكية في مجموعة لغات النواتل بين القرنين الرابع والسادس عشر nōchtli كان يشير إلى ثمرة الاوبونتيا.
ويعود أصل كلمة كاكتاس - cactus الإنجليزي إلى اللغة الاتينية التي أخذتها عن اليونانية القديمة κάκτος kaktos وهو الاسم الذي استخدمه العالم الإغريقي المعروف في تصنيف عالم النبات في القرن الثالث قبل الميلاد العالم ثاورفسطس.
ويطلق على نوع الصبار اوبونتيا انديكا عدة أسماء بالإنجليزية منها أبونتيا التين الهندي - Indian fig opuntia والإجاصة الصبارية - cactus pear والتين البربري - Barbary fig والتين الشوكي - prickly pear.
في إيطاليا وجزيرة صقلية يسمى التين فيكورينيا - ficurinia أي التين الهندي أما في سردينيا فيطلق عليه اسم فيغو موريسكا - figumorisca أي التين الموري (المغربي) وفي البرتغال ومديرا يطلق عليه عدة أسماء: تبايبو - tabaiboو فيغو تونو - figo tuno و«التين الهندي». أما في إسبانيا والأندلس فيسمونه هيغوس تشمبوس - higos chumbos.
وفي إطار التسميات المحلية والعربية تسمى هذه النبتة في سوريا والعراق بـ«الصبار» وهو اسم يدلل على الصبر والقدرة على التحمل، وفي تونس وليبيا وفي الجزائر بـ«الهندي» و«كرموس النصارى» وفي المغرب بـ«الهندية» و«الزعبول» وبالأمازيغية «أكناري» أو «ثاهْنْدَشْثْ» و«ايقوران» وفي السعودية «البرشومي» وفي اليمن «البلس» و«التينة» وفي مصر تسمى بـ«التين الشوكي».
ويطلق على اليهود المولودين في إسرائيل اسم «سابرا» التي تعني بالعبرية «الصبار».
ويستخدم الاسم أو التعبير للتفريق بينهم وبين اليهود المهاجرين القادمين من جميع دول العالم.
التاريخ تؤكد المعلومات المتوفرة والحفريات أن الموطن الأصلي للتين الشوكي منذ قديم الزمان هو جنوب أميركا الشمالية، وتطورت النبتة بعد انفصال القارة القديمة غندوانا إلى قارتي أميركا الشمالية وأفريقيا ما قبل 200 مليون سنة. «الأوروبيون عرفوا الصبار عندما وصلوا إلى العالم الجديد في القرن الخامس عشر وفي القرن السادس عشر انتشر في أوروبا ومنها إلى الكثير من المناطق وخصوصا بلاد المتوسط وشمال أفريقيا».
وقد عثر العلماء على آثار بقايا الصبار في تشيلي والتي يعود تاريخها إلى ما قبل 15 ألف عام، كما عثر على رسومه في سيرا دي كابيفارا في البرازيل وعلى حبوب الصبار في المكسيك والبيرو ربما يعود تاريخها إلى 12 ألف عام. ولا يزال شعار المكسيك تعبيرا عن الأسطورة الازتكية في إيجاد عاصمتهم. و«تقول الأسطورة، أن الإله ويتزيلوبوتشتلي قاد شعب الأزتك من مساكنهم القديمة في أزتلان إلى موطنهم الجديد تينوتشتيتلان (مدينة مكسيكو حاليًا) حيث قال لهم إن موطنهم الجديد سيكون عند البقعة التي سيرون فيها نسرًا يأكل ثعبانًا وهو يقف على شجرة صبار نبتت من صخرة (كما يظهر الشعار). وعندما رأى شعب الأزتك هذه الرؤية، أسسوا عاصمة حضارة الأزتك تينوتشتيتلان، والتي أصبحت فيما بعد مدينة مكسيكو».
ويظهر الصبار أيضا في شعار النبالة لجزيرة مالطا والذي يظهر فيه التين الشوكي إلى جانب المذراة والمجرفة وشروق الشمس.
ومن المعروف تقليديا وعبر العصور، أن الناس يستخدمون الصبار لثماره وكجدار نباتي طبيعي لتسييج البساتين والحدائق والقصور والفيلات ومزارع الماشية. فمن شأن الصبار منح المكان لمسة جمالية وحماية طبيعية من أي دخيل.
وقد لجأت كوبا عام 1961 إلى زرع حاجز بطول 13 كلم من نبتة الصبار على طول الجزء الشمالي الشرقي من السور (28 كلم) المحيط بالقاعدة البحرية في خليج غوانتانامو لوقف الكوبيين من الهرب واللجوء إلى الولايات المتحدة الأميركية وقد أطلق عليه اسم «ستار الصبار» نسبة إلى الستار الحديدي في أوروبا و«ستار البامبو» في شرق آسيا.
الانتشار
حاليا: «ينتشر في مناطق كثيرة في شمال أفريقيا والمشرق العربي. ويزرع بكثرة في المزارع الجبلية في مرتفعات جبال الحجاز بالمملكة العربية السعودية» حيث يوجد منه أنواع فاخرة... و«كذلك يتواجد بكثرة في اليمن. ومن أشهر أنواعه الصبار المتواجد في قرية فقوعة في فلسطين حيث يتم تصديره للخارج لطعمه المميز» كما يمكن العثور عليه بكثرة أيضا في لبنان والأردن وتركيا. وتعتبر أنواع شمال أفريقيا وتركيا والمشرق العربي وجنوب أوروبا ألذ وأطيب الأنواع على الإطلاق.
وعالميا ينتشر الصبار أيضا وبشكل عام في كندا (بريتيش كولومبيا والبيرتا) والولايات المتحدة الأميركية (فلوريدا وأريزونا وتكساس) ودول أميركا اللاتينية (كالمكسيك وباراغواي والبيرو وبوليفيا والتشيلي والبرازيل والأرجنتين) والكثير من الدول الأفريقية (تونس والمغرب ومصر والسودان وموريتانيا ونيجيريا ومدغشقر وجزر الكناري والرأس الأخضر وماديرا وجنوب أفريقيا وإريتريا وإثيوبيا) والباربيدوس وسريلانكا والصين في آسيا وأستراليا وفي أوروبا (فرنسا واليونان وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال ومالطا وألبانيا وقبرص وبلغاريا).
الاستخدامات
هناك الكثير من الاستخدامات لنبتة الصبار ومنها ما هو صناعي ومنها ما هو عملي وتجاري، وتشمل هذه الاستخدامات تخفيف «السائل المنوي للمساعدة على التخصيب الصناعي للأغنام، ويستخدمه البعض «كمادة حافظة للمواد الغذائية الطازجة أو للحفاظ على المياه في المزارع الصغيرة» أضف إلى ذلك إمكانية استخلاص الوقود الحيوي من بذوره.
في بعض مناطق المغرب يصنعون من الصبار المربى ويستخرجون الزيت من بذور النبتة.
ويستخدم في مناطق أخرى تجاريًا في الألبان، والحلويات.
وعادة ما تقوم شركات التجميل «بإضافة عصارة أو مشتقات أخرى من نبتة الصبار لمنتجاتهم كالماكياج، المرطبات، الصابون، واقيات الشمس، البخور، كريمات الحلاقة أو الشامبو». والأهم من ذلك أن منتجات التعقيم تحتوي على مستخلصات هذه النبتة الغريبة والطيبة.