الأربعاء، 11 سبتمبر 2019

تاريخ الشومر - History of Fennel





"بذر الشمرة هو بذر الحزن"

ربط اليونانيون اسمه باسم معركة ماراثون  الحاسمة التي انتصروا فيها على الفرس

green grass

لندن : كمال قدورة 
الشمرة او الشومر من النبات العطرية المميزة التي يرغبها الكثير من الناس ويستخدمون كل موادها اكانت من البذور كبهارات ام اغصان واوراق وجذور للطهي والسلطات وتطييب بعض الاطباق . وكما ان الشمرة جزء لا يتجزأ من كثير من خلطات البهارات العالمية وخصوصا من خلطة البهارات الصينية الخمسة المعروفة .
يعود اصل نبتة الشمرة الى حوض البحر الابيض المتوسط ، وتنتشر النبتة الرائعة والجميلة الآن بكثرة مناطق اوروبا الجنوبية الساحلية خصوصا اليونان وايطاليا وفرنسا وبلاد الشام ووادي النيل والمغرب العربي وجنوب المملكة العربية السعودية ، بالإضافة الى مناطق حوض البحر الاسود مثل رومانيا وبلغاريا وهنغاريا وجورجيا  والهند وباكستان وبنغلاديش والصين، اضف الى ذلك المانيا وبريطانيا في اوروبا.
لكن الكميات التجارية الهامة تاتي عادة من بلغاريا وهنغاريا وسوريا ومصر والصين . اما الشمرة في اميركا اللاتينية فقد جاءن عبر المستعمرين الاسبان ومن هناك انطلقت الى الولايات المتحدة الاميركية. وقد جاء به الانجليز الى ولاية فرجينيا اولا .   
وتقول الموسوعة الحرة ان "الشمر البري موجود حول بقاع العالم قاطبة، ولاستعمالات الشمر الطبية، خاصة البذور، فهو يزرع بكثرة في سورية وجنوب فرنسا وسكسونيا وروسيا وإيران والهند".
يزرع الشمرة في الهند في المناطق الشمالية، لانه من المحاصيل التي تحب الاجواء الباردة، رغم انه ينمو جيدا ايضا في الاجواء المعتدلة . فمن شان الاجواء الباردة زيادة كمية البذور التي تنتجها النبتة .
ويقول موقع "الحواج" ، لقد استخدم الشمر (السنوت) من آلاف السنين لعلاج كثير من الأمراض، فقد استخدمه الفراعنة تحت اسم شماري، وعثر علماء الآثار على ثماره في مقابر بن حسن ودهشور، بينما ورد ذكره في بردية هاريس الطبية تحت اسم "شامارن"، ومن المعروف أن اسمه بالقبطية القديمة "شمارهوت"، بينما ورد في بردية ايبرز وبرلين تحت اسم "بسباس"، الذي احتفظ به العرب وحرفوه بعد ذلك إلى بسباسة. وقد ورد الشمر في بردية هيرسيت كمنبه عطري للمعدة، أما في بردية ايبرز الطبية استخدم كعلاج لانتفاخ البطن وكثرة الغازات، ويدخل ضمن عدة وصفات لعلاج نزلات البرد، وتسكين الآلام. ويستعمل زيت السنوت في صناعة العطور وبعض المواصفات الطبية.
كان الشمرة معروفا جدا في العالم القديم ، وكان الرومان يزرعونه ويستخدمونه فاكهته او جذوره  العطرية بالاحرى واغصانه الصالحة للأكل. وكان المؤرخ الروماني المعروف بليني من اكثر المؤمنين ببخصائصه الطبية، وذكر ما لا يقل عن اثنتين وعشرين وصفة علاجية من وصفات الشمر ، ولاحظ أيضا أن الثعابين تأكله ، وتفرك اجسامها بالنبتة لتقوية بصرها بعد ان تتخلص من جلودها القديمة  .
ولا يختلف اهل اليونان عن الرومان  في الاهمية المطبخية والطبية والعلاجية للنبتة ، وربما راح اليونانيون القدماء ابعد منذ ذلك وربطوا اسمه باسم معركة ماراثون  الحاسمة التي انتصروا فيها على الفرس قديما . كما اعطي الشمرة كجائزة لفيديبيديس ، العداء الاغريقي الذي ارسلته اثينا لطلب النجدة من اهل اسبارطة لصد هجوم الفرس عام 490 قبل الميلاد .
وكان ابقراط او ابو الطب كما يلقب وصاحب فكرة القسم الشهير الذي يقسمه الأطباء قبل مزاولة مهنة، يعتقد ان الشمرة تساعد على الممرضات على در كمية اكبر من الحليب لارضاع الاطفال قديما.  
كما تقول الاساطير اليوانية ان المعرفة سلمت الى الانسان او الرجل من قبل الآلهة في أوليمبوس في ساق الشمرة معبأة مع الفحم.    
وجاء اسم الشمرة في الانكليزية القديمة ضمن لائحة " تعويذة الأعشاب التسع " في القرن العاشر. وقد وضعت التعويذة لعلاج التسمم والعدوى عبر خلط تسع اعشاب.  
وتشير المعلومات المتوفرة الى ان الشمرة كان جزءا لا يتجزا من المواد الرئيسية التي كان يستخدمها ملك انجلترا إدوارد الأول في القرن الثالث عشر. وجاءت لائحة بمشترياته الشهرية من بذور الشمر في الكتب والوثائق التي تركها ورائه في خزانة الملابس - ويبدو انها كان يستخدمها بكثرة لنفس الاسباب التي كان يستخدجمها الناس آنذاك ، اي كبهار او لكبح الشهية. فقد كان المسيحيون يستخدمون حبوب لشمر ايام الصوم. وقد جلب البيوريتانيون البروتستانت هذا التقليد معهم الى الولايات المتحدة. ويقول موقع "اورهيرب غاردين " بهذا الصدد ، انهم كانوا يجلبون المناديل المليئة ببذور الشمر لدرء الجوع خلال الصلوات و المراسم الدينية الطويلة.
ويشير الموقع الا ان الناس خلال العصور الوسطى في اوروبا ، كانوا يعتقدون بأن الأرواح الشريرة تتجول بحرية عندما كانت الشمس تتجه نحو الجنوب. ولذا كانوا يعلقون الشمرة على مداخل المنازل والبيوت لحماية من بداخلها من هذه الأرواح. كما كان الناس يضعون بذور الشمرة في فتحات او ثقوب المفاتيح لحماية الناس خلف الابواب او السكان من الاشباح والشر .
وقال أحد الأطباء من القرن الثالث عشر في كتاب "أطباء ميدفاي " ، ان من يرى الشمرة ولا يجمعها  ليس رجلا بل شيطانا". ولكن راي مخالف ادى الى القول التقليدي بأن "زرع الشمرة هو زرع الحزن". زكان البعض يعتقد ايضا بان كارثة ستحل على اي شخص يستغني عن الشمرة. وفي منتصف القرن الخامس عشر، كان يقال ان عصير الشمرة يقتل الديدان اذا وضع في اذن الرجل . كما يعتقد ايضا بأن شاي الشمرة علاجا لزيادة الوزن والحصول على النحافة. اضف الى ذلك ان الناس وقبل القرون الوسطى ومنذ قديم الزمان كانوا يعتقدون بان الشمرة طارد للريح ويطيل العمر ويعطي القوة والشجاعة والخ.
ويبدو واضا ان الناس كانوا يستخدمون الشمرة في العصور الوسطى الى جانب بعض الاعشاب الاخرى للوقاية من السحر وغيرها من التأثيرات الشريرة. كما كانوا يستخدمونها كبهار من بهارات تمليح الأسماك  التي كانت تستهلك كثيرا خلال فترة الصوم الكبير.
ورغم ان الشمرة لم تزرع في شمال أوروبا في ذلك الوقت، فقد ذكرت كثيرا في السجلات والوثائق المطبخية والطبية الأنجلوسكسونية قبل الغزو النورماني لبريطانيا. وقد "أشير إلى نبتة الشمرة ومياه الشمرة وبذور الشمر في سجل قديم للزراعة الإسبانية يرجع تاريخه إلى العام 961.
ويقال ان ملك الفرنجة شارلمان الذي فرض زراعته على المزارع الإمبراطورية ساهم بانتشار النبتة في أوروبا الوسطى.
وحسب المعلومات المتوفرة فإن استخدامات الشمرة للطهي في اوروبا مصدرها إيطاليا على ما يؤكد الاختصاصي الانكليزي في الاعشاب جون باركنسون منتصف القرن السابع عشر . ويذكر باركنسون في احد نصوصه ان جذور الشمرة وبذورها واوراقها كانت تستخدم لتبهير اللحم وللعلاح الطبي، وان الطليان خير من استخدام النبتة في هذا الإطار. كما ذكر باركنسون استخدام البذور في صناع الخبز واطباق الاسماك المختلفة، وقدرة الشمرة على جعل اللحم طريا .
هناك العديد من الإشارات إلى الشمر في الشعر الاوروبي، وقد لمح الكاتب الانكليزي جون ميلتون الى رائحته في كتابه المعروف او ملحمته الشهيرة "الفردوس المفقود" .
وتكرر اسم الشمرة في احدى قصائد الشاعر الاميركي المعروف هنري وادزورث لونغفيلو في العام 1840، وهي قصيدة "كأس الحياة"، في اشارة الى قدرتها المزعومة على تعزيز البصر:
فوق النباتات .... الشمر مع الزهور الصفراء-  وفي سن مبكرة من سننا- كانت موهوبة بقوى عجيبة-
استعادة فقدان النظر.
التسمية
يعود اصل كلمة شمرة او "شومر" الانكليزية فانيل - fennel الى  اللغة الانكليزة الوسطى التي كانت تستخدم ايام الغزو النورمناني لبريطانيا بداية القرن الحادي عشر وبالتحديد الى كلمتي  fenel و  fenyl، وهاتان الكلمتان تدرجتا من الانكليزية القديمة fenol  و  finolويعود اصلهما الى اللاتينية feniculum  و foeniculum مصغر  fenum و  faenumاللتان تعنيان "القش " . وكان الاسم اللاتيني للنبتة هو فيرولا -  Ferula الذي يستخدم حاليا كاسم لجنس النبتة التي تنتمي الى الفصيلة الخيمية . اما الاسم العلمي حاليا للشمرة فهو Foeniculum vulgar .  
 فوينيكولوم - Foeniculum هو اسم روماني ماخوذ عن اللاتينية فينوم - faenum، التي تعني القش كما ذكرنا واصبحت لاحقا في العصور الوسطى فانكولوم - Fanculum.
وعندما جاء البرتغاليون الى جزر ماديرا في الاطلسي (شمال غرب افريقيا) في القرن الخامس عشر واستوطنوا الجزر وجدوا الشمرة بكثرة هناك فاطلقوا عليه اسم  funchoومن هنا جاء اسم عاصمة الجزر فونشال - Funchal  .
اما الاسم اليوناني للشمر فهو μάραθον - ماراثون وذلك يعود الى موقعة المعركة الشهيرة ضد الفرس عام 490 قبل الميلاد التي حصلت على سهل مارثون والاسم نفسه يعني "سهل من الشمر". وكلمة ماراثون تاتي من كلمة ماريانو - mariano ، اي " لتنمو رقيقة" نسبة الى اغصان النبتة الرقية والرفيعة.
وفي العالم العربي يطلق على الشمر اسماء كثيرة ، واكثرها في المغرب : السنوت أو الرازيانج أو الشمَّر أو البسباس أو الشمرة أو الشمر المر، الشمر الحلو، الحلوة، الحبة الحلوة، الزبات . ومن الاسماء العربية الاخرى : حبة الحلاوة العربية، الشمر الكبير، شمر الحدائق أو الشمر الوحشي، الشمر الزهري. ويطلق عليه في فلسطين والأردن وسوريا اسم الشومر
اما في الهند فيطلقون عليه اسماء عدة وفي لغات عدة مثل: سونف وسنوب في اللغة الهندية وبان وموهيري ومواري في اللغة البنغالية وفرياري في اللغة الغوجاراتية وبادي-سويو في اللغة الكنادية وببيروم جيراكام في اللغة المالايالامية ويباديشيب في اللغة المارثية وماذوريكا في اللغة السنسكريتية وسمبو في التاميلية وسوبو او بيدا - جيلاكارا في اللغة التيلوغاوية.
الاستخدامات الطبية
كانت الشمرة تستخدم  منذ ايام الرومان لعلاج التسمم من الفطر وعلاج سم الافاعي ، كما كان الناس يستخدمون لزقات او لصقات جذر الشمرة لعلاج عضات الكلاب.
x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق