الثلاثاء، 10 سبتمبر 2019

تاريخ البامية - History of Ladies Fingers

البامية أحبها العرب والهنود وعزف عنها الأوروبيون

تجارة الرقيق ساهمت بانتشاره في اميركا 

رحلة البامية .. من أفريقيا إلى أميركا



لندن : كمال قدورة
البامية من النباتات والخضراوات المحببة لدى الكثير من الشعوب الشرقية، وهي على غرابة شكلها تعتبر من المآكل الفاخرة التي تقدم في المناسبات الخاصة ولإكرام الضيف والزوار.
اسم البامية اللاتيني والعلمي هو Abelmoschus Esculentus، لكن أصل اسم النبتة الإنجليزي Okra، تم توارثه من غرب أفريقيا في القرن الثامن عشر، وهو بمثابة تحريف للاسم المستخدم في لغة «الإيغبو» هناك Okuru. كما ورث الفرنسيون، الذين يستخدمون Gumbo وBamyah، والإسبان Quibombo، وأهل البرتغال، الأسماء التي يطلقونها على البامية من لغة «البانتو» الأفريقية النيجيرية Kingombo. وفيما توارث سكان جنوب آسيا اسم البامية من الاسم الهندي Bhindi، يسمونها في فيتنام بـ Dau bap.
أما الاسم العربي البامية Bamyah، فهو الاسم الذي تواصلت على استخدامه الكثير من الشعوب في اليونان (باماكي)، وتركيا وإيران ودول البلقان ودول شمال أفريقيا وروسيا، وهو الأكثر شيوعا وانتشارا إلى جانب الاسم الإنجليزي والأفريقي المعروف بالـ Gumbo.
أصول نبتة البامية: ترجح المعلومات المتوفرة أن النبتة جاءت من هضبة الجبال العالية في شمال أثيوبيا في أفريقيا الشرقية، ومن هناك انتقلت النبتة الطيبة التي يطلق عليها البعض تغزلا بشكلها اسم «أصابع السيدات» Ladies Fingers، عبر نهر النيل إلى مصر والسودان قديما، وتمت زراعتها على جانبي ضفتي النهر العظيم في كل من البلدين، خصوصا أنواعها البرية. وذكر أبو العباس النباتي في إحدى مخطوطاته (احد علماء الأندلس الذين ولدوا في اشبيليا وألفوا في الكثير من الضروب، خصوصا الطعام وفنونه وتواريخه وطرق تحضيره)، انه رأى النبتة في مزارع النيل خلال زيارته إلى مصر. وقدم النباتي للنبتة بشكل عام وصفا دقيقا. ومن هنا يقال إن العرب ومن خلال الفتوحات الأندلسية ادخلوا البامية إلى أوروبا. ولهذا أيضا يعتقد أن أصل البامية مشرقي، إذ ان العرب عرفوها جيدا أيام الأندلس، وربما جاءتهم قديما عبر باب المندب او البحر الأحمر باتجاه شبه الجزيرة العربية.
وفي الوقت الذي دأب العرب على استخدامه كـ «يخنة» مع الخضراوات واللحم والبندورة (تعتبر البندورة من أفضل الفاكهة التي يمكن استخدامها مع البامية، لأنها تساعد على تحسين الطعم ومذاقه)، لم يرغبه سكان أوروبا قديما، ولم يعرفوه إلا حديثا في مناطق المهاجرين القادمين من دول حوض البحر الأبيض المتوسط ودول الكاريبي وأفريقيا.
ولجأ أهالي السودان ومصر الى البامية المدقوقة (مطحونة)، دقا ناعما كمادة لتكثيف بعض أنواع الطعام والمآكل. ويشتهر في السودان نوع «الويكة» البري، الذي تجفف قرناته وتطبخ قبل إضافتها إلى مرق اللحم.
ومع ان سكان أوروبا عرفوا البامية مبكرا عبر العرب وغيرهم قديما، لكنهم لم يرغبوها وعزفوا عنها ربما بسبب مادتها المطاطية اللزجة الغريبة. ولم يعرف أهل أوروبا استخدامات البامية وأنواعها المختلفة إلا في العقود الماضية التي تبعت الحرب العالمية الثانية وفي مناطق أبناء المهاجرين من دول الكاريبي وأفريقيا ودول حوض البحر الأبيض المتوسط، والأهم من باكستان والهند وبنغلاديش، حيث تنتشر وتتمتع بشعبية كبيرة وتستخدم في الكاري والحلوى وتقلى بسرعة، وتؤكل مع الخبز.
ووصلت نبتة البامية إلى الولايات على الأرجح عبر «سفن العبيد» القادمة من أفريقيا، خصوصا غرب أفريقيا، أي أثناء انتعاش وانتشار تجارة الرقيق بشكل لم يسبق له مثيل. وقد أحب أهل القارة الأميركية الشمالية (كانت مرغوبة على شكل مخلل، وكانت البامية تستخدم أحيانا في بعض الأطباق لتكثيف صلصتها)، هذه النبتة في الولايات الجنوبية، حيث توطدت واستقرت وانتعشت كما أنها في بيئتها. ورغم أن البامية من النباتات التي تتحمل الجفاف والتربة السيئة، فقد كان غياب الجليد في هذه الولايات بشكل عام والأحوال الجوية الحارة نسبيا، عاملين أساسيين من عوامل انتشار البامية وتأسيسها كأحد المآكل الأساسية فيها.
ومن هناك أيضا انتشرت النبتة نهاية القرن السابع عشر (عام 1658)، في دول أميركا اللاتينية والبرازيل التي احبتها (معروفة بطبق البامية مع الدجاج). ومن ثم الى دول الكاريبي (Callallo من أشهر الأطباق ويعتبر الطبق الوطني في ترينيداد وتاباغو) وغيرها من الدول الأميركية الجنوبية.
يقول الرئيس الأميركي الثالث توماس جيفرسون (1801 ـ 1809)، الذي كتب كثيرا في الطعام والخضراوات وأنواعها واستخداماتها ووصفاتها، إن البامية كانت من المآكل الرئيسية في ولاية فرجينيا نهاية القرن الثامن عشر. وتشير الوثائق المتوفرة إلى لجوء الأميركيين إلى استخدام بذور البامية كبديل عن حبات القهوة أثناء الحرب الأهلية 1861. وتوضح الوثائق ان الحرب الأهلية أعاقت سبل استيراد القهوة من أميركا الجنوبية أحيانا مما اضطر البعض إلى استبدالها ببذور البامية.
أما أهل اليابان فلم يعرفوا البامية جيدا إلى نهاية القرن العشرين، أي أنها وصلت متأخرة جدا. ومع هذا فقد بدأ اليابانيون باستخدامها وطبخها مع صلصة الصويا و«كاتسوبوشي».
استخدامات نبتة البامية: بالرغم من أن نبتة البامية لا تحتوي على كمية كافية من الغذاء لتغطية حاجات الفرد، فإنها تستخدم كاملة ولا يترك منها شيء، إذ يتم استخدام جميع أجزائها مثل السيقان والأوراق والبذور والجذور وغيرها. فالقرنات تستخدم عادة للطبخ وتعامل معاملة الخضار، أي أنها تسلق وتقلى وتجفف وتخلل (الهند)، وتؤكل مع المرق وجميع أنواع الصلصات. ويخلطها سكان غرب أفريقيا مع السمك والباذنجان. كما تقدم البامية في هذا الجزء من العالم نيئة على شكل سلطة مع الحر والملح والليمون وزيت الزيتون. وفيما يتم التعامل مع الأوراق أيضا (الصغيرة التي تشبه القلب) كخضراوات، إذ يلجأ البعض إلى أكلها بعد سلقها ودهنها بالزبد او الزيت، يضيف البعض الآخر أزهار نبتة البامية إلى مختلف أنواع الحساء خلال فصل الشتاء.
أما البذور الغنية بالزيوت، فإنها تعتبر مصدرا مهما من مصادر إنتاج الزبد، ويحبها الهنود محمصة مع الخبز. ويستخدم المصريون دقيقها أحياناً كبديل او كمكمل لدقيق الذرة.
استخدامات البامية: من المعروف بعد قطف القرنات، أن يلجأ أهل بعض الدول الأفريقية الغربية إلى استخدام ما تبقى من النبتة (الأوراق والسيقان)، كعلف لإطعام الحيوانات وصناعة الحبال وخيوط صيد الأسماك الدقيقة. كما أن الهنود، يستخدمون محتويات البامية وجذورها لتنقية عصير قصب السكر. أما أهل الصين، فيستخدمونها ويستخدمون مادتها اللزجة في الصناعات الحديثة كمواد غروية ضرورية. لكن الأهم من هذا أن نبتة البامية من النباتات المفيدة جدا للصحة بشكل، إذ يقال إن بالإمكان اللجوء إلى استخدام المادة المطاطية اللزجة التي تنتجها أثناء الطبخ كبديل للبلازما أو لتكثيف حجم الدم.
وقد أكدت الدراسات العلمية الأخيرة المنشورة في الولايات المتحدة الأميركية، أن البامية تساعد على علاج فقر الدم (الأنيميا) وعسر الهضم، وتخفف من الآلام المعوية. وتوضح الدراسات التي نشرها الباحثون في معهد البحوث الزراعية بالولايات المتحدة، أن النبتة اللذيذة تحتوي على الكثير من الأملاح والفيتامينات، الأمر الذي يساعد على محاربة فقر الدم. أما بالنسبة للمادة المخاطية اللزجة، فتقول الدراسات إنها تفيد في تهدئة آلام الالتهابات المعوية، وتساعد على علاج التهاب الأغشية المغلفة للجهاز الهضمي والأمعاء. كما تساعد هذه المادة الساحرة على علاج عسر الهضم والإمساك.
* محتويات البامية الغذائية ـ الفيتامينات (إيه، وبي، وبي 2، وسي، وجي).
ـ البوتاسيوم، الكالسيوم، الفوسفور، الحديد، والمنغنيز (البذور).
ـ البروتينات بنسبة تتراوح بين 1.6 و2.2% (القرنات والأوراق).
ـ الكاربوهيدرات.
ـ حامض الأوليك (45%)، وحامض اللينوليك (20%)، (البذور).
ـ أحماض دهنية مشبعة ـ الألياف.
ـ السعرات الحرارية (قليلة جدا).
وصفة البامية بالزيت
* المقادير:
ـ 6 إلى 7 حبات بندورة حمراء صغيرة (طرية جاهزة للطبخ).
ـ 400 غرام من قرنات البامية الصغيرة والطازجة.
ـ 7 فصوص ثوم مقشرة ومقطعة قطعا كبيرة.
ـ 3 ملاعق زيت نباتي للقلي.
ـ ¼ ملعقة شاي صغيرة من الملح.
ـ ½ ملعقة شاي صغيرة من الفلفل الأسود المطحون.
ـ ½ ليمونة.
ـ بصل اخضر.
* طريقة التحضير:
1 ـ بعد غسل قرنات البامية الصغيرة جيدا بالماء البارد وتقميعها، توضع على جنب لتجف ويفضل استخدام فوطة نظيفة لهذه الغاية، ثم تقطع حبات البندورة مناصفة، ويتم تقطيع الثوم قبل بدء عملية القلي.
2 ـ بعد ذلك يوضع الزيت في طنجرة متوسطة الحجم حتى يُحمى، ثم يضاف إليه قرنات البامية لتقليتها لمدة 5 دقائق، ومن ثم يضاف الثوم إلى القرنات ويقلوا معا لمدة 5 دقائق أخرى على نار متوسطة إلى هادئة.
3 ـ وأخيرا ضعي قطع البندورة والملح والفلفل الأسود المطحون على سطح الخليط، غطي الطنجرة واتركيها على نار خفيفة لمدة تتراوح بين 5 و7 دقائق حتى تصبح جاهزة للأكل.
* البعض يرغب إلى جانبها الخبز وعصير الليمون والبصل الأخضر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق