السبت، 7 سبتمبر 2019

تاريخ الجميز - History of Sycamore

الجميز... أصله وتاريخه

قدسه الفراعنة وظل رمزًا للقوة والخلود
الأحد - 30 جمادى الأولى 1438 هـ - 26 فبراير 2017 مـ
لندن: كمال قدورة
شجر الجميز من الأشجار القديمة والمعمرة التي عرفها الناس منذ بدايات التاريخ البشري، وثمرة الجميز أو تينه لا يقل طيبة عن التين العادي لا بل أحيانا يكون أطيب بكثير لصغر حجمه واكتنازه للحلاوة المعتدلة والمترفة. ولا عجب أن البعض يعتبره من طعام الجنة.


* الأصل


يقال إن موطن الجميز الأصلي هو أوروبا والبعض يقول إنه بلاد النوبة، وإنها نقلت «منذ زمن بعيد إلى بلاد الشام ومنها فلسطين ولبنان وسوريا والأردن وقبرص. وعلى الرغم انتشارها بكثرة في مصر وفلسطين (الفلستيون جلبوها إلى فلسطين في العصر الحديدي إلى جانب الكمون والخشخاش المنوم)، فإنها تنتشر في جميع أنحاء من العالم وبالأخص في المملكة العربية السعودية واليمن وعمان والولايات المتحدة (الأكثر شيوعا في بروكلين) وبريطانيا ومدغشقر والمناطق الأفريقية جنوب الدول المعروفة بدول الساحل الأفريقي (وتضم جنوب السودان وجنوب تشاد وجنوب مالي والسنغال وغينيا وغانا وساحل العاج ونيجيريا وأوغندا وأفريقيا الوسطى وإثيوبيا والصومال وأنغولا وزامبيا وموزمبيق وكينيا وتنزانيا وزيمبابوي وسيراليون وفاسو). لكن من المتعارف عليه من قبل المؤرخين والخبراء أن مصر القديمة هي الموطن الأول لتطوير ثمر الجميز والعناية به واستهلاكه على نطاق واسع منذ قديم الزمان.


* الشجرة


الجميز أحد أنواع الأشجار المعروفة بأشجار السيكامور - Sycamore ويحمل الاسم العلميFicus sycomorus وهو كما تقول الموسوعة الحرة، نوع من أنواع النباتات التي تتبع جنس التين من الفصيلة التوتية. وشجرة الجميز شجرة دائمة الخضرة كبيرة الحجم، إذا لم تكن من أكبر الأشجار، وهي «معمرة وذات أفرع كثيرة تشبه التوت الشامي وأوراقه أرق وأصغر من أوراق التين في بعض الدول يسمى التين البري». وتتميز الشجرة بأخشابها الصلبة والقوية جدا التي تتحمل الماء لسنوات طويلة. «أما الأوراق فهي بيضاوية الشكل خشنة الملمس إلى حد ما». يشبه ثمر الجميز التين لكن كما سبق وذكرنا أصغر حجما، مذاقه حلو ولونه أصفر يميل إلى الاحمرار، وهي ثمرة سريعة التلف بعد النضوج ولا تحتمل التخزين. وتعتبر الجميزة من الأشجار المعطاءة، إذ تثمر طيلة العام أي عدة مرات في السنة، وتزرع في دول الشرق الأدنى والولايات المتحدة وأوروبا، في الساحات العامة وعلى جانب الطرقات وفي «المتنزهات لروعة منظرها وقيمتها في تنسيق الحدائق. وعادة ما تتكيف «بشكل كبير مع المدن إذ تعمل على تنقية الهواء «وإطلاق كمية كبيرة من الأكسجين».


ومن محاسن الشجرة أنها تتأقلم مع أي بيئة وقادة على الصمود والعطاء في أي تربة رغم أنها تفضل التربة الغنية القريبة من الماء.


وتعتبر العلاقة بين شجرة الجميز والفراعنة هي الأقوى والأشهر والأهم عبر تاريخ العلاقات بين الأشجار والبشر، إذ أكدت قداستها النقوش المرسومة على جدران مقبرة الأميرة «تيتي». كما وجدت ثمار الجميز الجافة في الكثير من المقابر الفرعونية وداخل عدة سلال بالإضافة إلى وجود أوراق الجميز في توابيت الموتى. ومن المعروف أن الملك أوزوريس دفن في تابوت مصنوع من أخشاب أشجار الجميز، وقد نقشت رسومات أشجاره على جدران مقابر الأسرة الثانية عشرة. واعتمد الفراعنة أيضا على خشب الجميز كثيرا، حيث استخدم في صناعة سقوف المقابر وبناء السفن ولعمل تماثيل الإلهات، وبشكل عام لاحقا في صناعة الأثاث المنزلي والآلات الموسيقية وأدوات المطبخ والآلات الزراعية.


والأهم من ذلك تقول صفاء محمد إن قدماء المصريين عرفوا قدرة الجميز على نقل الطاقة وخلق التوازن بين الطاقة المغناطيسية والكهربائية، وقد ربطوا بين شجرة الجميز وثلاث من أهم القوى الكونية، فقد حمل لقب «سيدة الجميز» كل من «إيزيس» و«حتحور» و«نوت».


إيزيس (است) هي رمز نجم الشعرى Siriuss وهو النجم الذي يشكل الطرف الآخر في نظامنا الشمسي الثنائي. و«حتحور» هي رمز لمجرة درب التبانة (Milky Way Galaxy) التي تقع فيها مجموعتنا الشمسية. أما «نوت» فهي قبة السماء أو السموات بكل ما فيها من فضاء ونجوم وكواكب ونيازك ومجرات وغبار كوني. حملت كل من هذه القوى الكونية الأنثوية لقب «سيدة الجميز» كرمز لأمومة السماء للإنسان


* الأماكن


وهناك الكثير من المناطق والساحات والشوارع التي تحمل اسم الجميز أو الجميزة في بلاد الشام تيمنا بالشجرة.


وحسب التوراة الشفوية (المشناه)، فإن الجليل كان مقسما إلى الجليل الأعلى، وهي المناطق التي تقع شمال حنانيا ولاينبت فيها الجميز والجليل الأسفل جنوب حنانيا حيث ينمو الجميز.


هناك بلدة في الكتاب المقدس تدعى جمزو، أي «كثير الجميز» بالعبرية وكانت تقع في الضفة الغربية، وهناك بلدة جنوب شرقي اللد يطلق عليها اسم «جمزة الحاضر». وهناك شارع الجميزة الشهير في بيروت في لبنان.


* الفوائد الطبية


يحتوي الجميز على مواد وسكريات وفيتامينات هامة، ولذا يعتبر لبنه قاتلا للجراثيم ومسهلا وملينا للمعدة والأمعاء ومعقما للنزلات المعوية ومخفضا للوزن ولنسبة الكولسترول والسكر في الدم، ومقويا ومنشطا لجهاز المناعة بسبب وجود مادة الزنك فيه. وهو أيضا مصلح للكلى ومعالج لالتهابات اللثة، وطارد للغازات ومخفض لضغط الدم ومنشط للجهاز العصبي. ويقال إن ماء أوراقه المغلية يقضي على الإمساك وينقي الصوت ويعالج الربو وضيق التنفس. كما يزيل لبن الجميز الأبيض الأوشام والبقع الجلدية أو الصدفية. وجاء ذكر الجميز عند ابن سينا والأنطاكي وابن البيطار، وتحدث كل منهم عن علاجات مختلفة منها: تليين الدم وتلحيم الجروح وتحليل الأورام ولسع الحشرات.. وعلاج الطحال والمعدة والسعال المزمن وأوجاع الصدر وإصلاح الكلى وإسقاط الجنين وإدرار الطمث وقطع الإسهال.

التعليقات


صالح الحمد
لمذا أسميتموه جمّيز بلهجة كاتب المقال بينما اسمه ( تين) كما ذكره الله في القرآن الكريم في قوله (والتين والزيتون) ؟ التين اشهر وأعم لدى العرب وكذا على الكتّاب مراعآت ذلك في مسمّيات أخرى وعدم استخدام المسمّيات المحلّية. وشكراً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق